مجموع الفتاوي (صفحة 3602)

فصل: في أن التفاضل في الإيمان بدخول الزيادة والنقص فيه يكون من وجوه متعددة

وَأَمَّا إبْلِيسُ وَفِرْعَوْنُ وَالْيَهُودُ وَنَحْوُهُمْ فَمَا قَامَ بِأَنْفُسِهِمْ مِنْ الْكُفْرِ وَإِرَادَةِ الْعُلُوِّ وَالْحَسَدِ مَنْعٌ مِنْ حُبِّ اللَّهِ وَعِبَادَةِ الْقَلْبِ لَهُ الَّذِي لَا يَتِمُّ الْإِيمَانُ إلَّا بِهِ وَصَارَ فِي الْقَلْبِ مِنْ كَرَاهِيَةِ رِضْوَانِ اللَّهِ وَاتِّبَاعِ مَا أَسْخَطَهُ مَا كَانَ كُفْرًا لَا يَنْفَعُ مَعَهُ الْعِلْمُ.

فَصْلٌ:

وَالتَّفَاضُلُ فِي الْإِيمَانِ بِدُخُولِ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ فِيهِ يَكُونُ مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ: (أَحَدُهَا) الْأَعْمَالُ الظَّاهِرَةُ؛ فَإِنَّ النَّاسَ يَتَفَاضَلُونَ فِيهَا وَتَزِيدُ وَتَنْقُصُ وَهَذَا مِمَّا اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى دُخُولِ الزِّيَادَةِ فِيهِ وَالنُّقْصَانِ لَكِنْ نِزَاعُهُمْ فِي دُخُولِ ذَلِكَ فِي مُسَمَّى الْإِيمَانِ. فالْنُّفَاةِ يَقُولُونَ هُوَ مِنْ ثَمَرَاتِ الْإِيمَانِ وَمُقْتَضَاهُ فَأُدْخِلَ فِيهِ مَجَازًا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ وَهَذَا مَعْنَى زِيَادَةِ الْإِيمَانِ عِنْدَهُمْ وَنَقْصِهِ أَيْ زِيَادَةِ ثَمَرَاتِهِ وَنُقْصَانِهَا فَيُقَالُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا مِنْ لَوَازِمِ الْإِيمَانِ وَمُوجِبَاتِهِ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ إيمَانٌ تَامٌّ فِي الْقَلْبِ بِلَا قَوْلٍ وَلَا عَمَلٍ ظَاهِرٍ وَأَمَّا كَوْنُهُ لَازِمًا أَوْ جُزْءًا مِنْهُ فَهَذَا يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ حَالِ اسْتِعْمَالِ لَفْظِ الْإِيمَانِ مُفْرَدًا أَوْ مَقْرُونًا بِلَفْظِ الْإِسْلَامِ وَالْعَمَلِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ الزِّيَادَةُ فِي الْعَمَلِ الظَّاهِرِ لَا فِي مُوجِبِهِ وَمُقْتَضِيهِ فَهَذَا غَلَطٌ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015