فَصْلٌ:
إذَا تَبَيَّنَ هَذَا، فَقَوْلُ الْقَائِلِ: لَا يَثْبُتُ لِلَّهِ صِفَةٌ بِحَدِيثِ وَاحِدٍ عَنْهُ أَجْوِبَةٌ.
أَحَدُهَا: أَنْ يُقَالَ: لَا يَجُوزُ النَّفْيُ إلَّا بِدَلِيلٍ كَمَا لَا يَجُوزُ الْإِثْبَاتُ إلَّا بِدَلِيلٍ. فَإِذَا كَانَ هَذَا الْقَائِلُ مِمَّنْ لَا يَتَكَلَّمُ فِي هَذَا الْبَابِ إلَّا بِأَدِلَّةٍ شَرْعِيَّةٍ وَيَرُدُّ الْأَقْوَالَ الْمُبْتَدَعَةَ. قِيلَ لَهُ: قَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّ اللَّهَ لَا يَتَكَلَّمُ بِصَوْتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَلَامٌ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا وَلَيْسَ فِيهِ حَدِيثٌ لَا صَحِيحٌ وَلَا ضَعِيفٌ وَأَمَّا الْإِثْبَاتُ فَفِيهِ عِدَّةُ أَحَادِيثَ فِي الصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ وَالْمَسَانِدِ وَآثَارٌ كَثِيرَةٌ عَنْ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ فَأَيُّ الْقَوْلَيْنِ حِينَئِذٍ هُوَ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ؟ قَوْلُ الْمُثْبِتِ أَوْ النَّافِي؟ .
وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَتَكَلَّمُ بِالْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ فِي هَذَا الْبَابِ تَكَلَّمَ مَعَهُ فِي ذَلِكَ وَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى الْإِثْبَاتِ لَا عَلَى النَّفْيِ وَأَنَّ قَوْلَ الْنُّفَاةِ مَعْلُومُ الْفَسَادِ بِدَلَائِلِ الْعَقْلِ كَمَا اتَّفَقَ عَلَى ذَلِكَ جُمْهُورُ الْعُقَلَاءِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يُقَالَ: " هَذِهِ الصِّفَةُ " دَلَّ عَلَيْهَا الْقُرْآنُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ بِمُنَادَاتِهِ لِعِبَادِهِ فِي غَيْرِ آيَةٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ} وَقَوْلِهِ: {وَيَوْمَ