مجموع الفتاوي (صفحة 16770)

فصل: في الحلف بالظهار أو الحرام على حظ أو منع

وَلَفْظُ الْحَرَامِ يُمْكِنُ إثْبَاتُ مُوجَبِهِ. وَقَدْ يَقُولُ أَحْمَد: إنَّ الْحَرَامَ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُ مُوجَبِهِ؛ فَإِنَّ تَحْرِيمَ الْعَيْنِ لَا يَثْبُتُ أَبَدًا وَالتَّحْرِيمُ الْعَارِضُ لَا يَثْبُتُ بِدُونِ شَبِيهٍ؛ إذْ لَيْسَ هُوَ الْمَفْهُومَ مِنْ مُطْلَقِ التَّحْرِيمِ؛ وَإِنَّمَا هُوَ تَحْرِيمٌ مُقَيَّدٌ فَاسْتُعْمِلَ بَعْضُ مُوجَبِ اللَّفْظِ وَهُوَ تَحْرِيمُ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ وَطْءٌ وَلِأَنَّ التَّحْرِيمَ الْمُضَافَ إلَى الْعَيْنِ إنَّمَا يُرَادُ بِهِ الْفِعْلُ فَكَأَنَّهُ [قَالَ] (?) وَطْؤُك حَرَامٌ. وَهَذَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك. فَكَمَا أَنَّ الْإِيلَاءَ لَا يَكُونُ طَلَاقًا وَلَوْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ فَكَذَلِكَ التَّحْرِيمُ؛ إذْ الْإِيلَاءُ نَوْعٌ مِنْ الْأَيْمَانِ القسمية وَالظِّهَارَ نَوْعٌ مِنْ الْأَيْمَانِ التحريمية. وَالْبَحْثُ فِيهِ يَتَوَجَّهُ أَنْ يُقَالَ: نَضَعُهُ عَلَى أَدْنَى دَرَجَاتِ التَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ مُطْلَقٌ فَلَا تَثْبُتُ الزِّيَادَةُ إلَّا بِسَبَبِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: أَنْت طَالِقٌ. لَا يَقَعُ إلَّا وَاحِدَةً؛ وَكَمَا اُكْتُفِيَ فِي التَّشْبِيهِ بِالتَّحْرِيمِ. أَمَّا إذَا نَوَى الطَّلَاقَ فَيُقَالُ: وَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ بِالظِّهَارِ.

فَصْلٌ:

وَيَتَّصِلُ بِهَذَا " إذَا حَلَفَ بِالظِّهَارِ أَوْ بِالْحَرَامِ " عَلَى حَظٍّ أَوْ مَنْعٍ كَقَوْلِهِ إنْ فَعَلْت هَذَا فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ حَرَامٌ؛ أَوْ الْحَرَامُ يَلْزَمُنِي أَوْ الظِّهَارُ لَا أَفْعَلُهُ أَوْ لَأَفْعَلَنَّهُ. فَهَذَا أَصْحَابُنَا فِيهِ إذَا حَنِثَ بِالظِّهَارِ كَمَا أَنَّهُ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ؛ وَلِهَذَا قَالُوا فِي أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ: مِنْهَا الظِّهَارُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015