فَأَجَابَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، إنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: إنَّهَا مِثْلُ أُمِّي أَنَّهَا تَسْتُرُ عَلَيَّ وَلَا تَهْتِكُنِي وَلَا تَلُومُنِي كَمَا تَفْعَلُ الْأُمُّ مَعَ وَلَدِهَا؛ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ؛ فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ: يَا أُخْتِي فَأَدَّبَهُ - وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا لَمْ يُؤَدَّبْ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ اسْتَحَقَّ الْعُقُوبَةَ عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنْ الْمُنْكَرِ - وَقَالَ أُخْتُك هِيَ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَ الْإِنْسَانُ امْرَأَتَهُ كَأُمِّهِ. وَإِنْ أَرَادَ بِهَا عِنْدِي مِثْلُ أُمِّي. أَيْ فِي الِامْتِنَاعِ عَنْ وَطْئِهَا وَالِاسْتِمْتَاعِ بِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَحْرُمُ مِنْ الْأُمِّ فَهِيَ مِثْلُ أُمِّي الَّتِي لَيْسَتْ مَحَلًّا لِلِاسْتِمْتَاعِ بِهَا: فَهَذَا " مُظَاهِرٌ " يَجِبُ عَلَيْهِ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُظَاهِرِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا حَتَّى يُكَفِّرَ " كَفَّارَةَ الظِّهَارِ " فَيَعْتِقَ رَقَبَةً فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا. وَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ حَلَّ لَهُ ذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ؛ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيَّ كَأُمِّيِّ: فَهَذَا يَكُونُ مُظَاهِرًا فِي مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد. وَحُكِيَ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ نِزَاعٌ فِي ذَلِكَ: هَلْ يَقَعُ بِهِ الثَّلَاثُ؟ أَمْ لَا؟ وَالصَّوَابُ الْمَقْطُوعُ بِهِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ وَلَا يَحِلُّ لَهُ الْوَطْءُ حَتَّى يُكَفِّرَ بِاتِّفَاقِهِمْ وَلَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ بِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.