مجموع الفتاوي (صفحة 15929)

الدليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد بذلك أن يطلقها بنص الطلاق المعدود

مِنْهُ فِرَاقًا لَيْسَ مِنْ الطَّلَاقِ الْمَعْدُودِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُطَلِّقَهَا بِنَصِّ الطَّلَاقِ الْمَعْدُودِ؛ بَلْ يُفَارِقُهَا عِنْدَهُمْ بِغَيْرِ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَأَمَّا لَفْظُ الطَّلَاقِ فَلَهُمْ فِيهِ كَلَامٌ سَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ. وَهَكَذَا مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ غَيْلَانَ: {أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقِ سَائِرَهُنَّ} وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُفَارِقَهَا فُرْقَةً تُحْسَبُ مِنْ الطَّلَاقِ الْمَعْدُودِ. وَقَدْ تَنَازَعَ الْفُقَهَاءُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد. . .

وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ أَنَّهُ يُطَلِّقُهَا بِنَصِّ الطَّلَاقِ الْمَعْدُودِ بَلْ أَرَادَ الْمُفَارَقَةَ: وُجُوهٌ. " أَحَدُهَا " أَنَّهُ قَالَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: {خُذْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا} فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ إذَا اخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا كَفَى ذَلِكَ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إنْشَاءِ طَلَاقٍ فِي الْبَوَاقِي فَلَوْ كَانَ فِرَاقُهُنَّ مِنْ الطَّلَاقِ الْمَعْدُودِ لَاحْتَاجَ إلَى إنْشَاءِ سَبَبِهِ كَمَا لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَأُطَلِّقَن إحْدَى امْرَأَتَيَّ. فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُحْدِثَ لَهَا طَلَاقًا؛ فَلَوْ قَالَ أَخَذْت هَذِهِ لَمْ يَكُنْ هَذَا وَحْدَهُ طَلَاقًا لِلْأُخْرَى. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: هَذَا مِمَّا قَدْ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ بِالْأُخْرَى مَعَ النِّيَّةِ. " الثَّانِي " أَنْ يُقَالَ: مَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ حَرَامٌ عَلَيْهِ بِالشَّرْعِ وَمَا كَانَتْ مُحَرَّمَةً بِالشَّرْعِ لَمْ تَحْتَجْ إلَى طَلَاقٍ؛ لَكِنَّ الْمُحَرَّمَةَ لَمَّا لَمْ تَكُنْ مُعَيَّنَةً كَانَتْ لَهُ وِلَايَةُ التَّعْيِينِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015