وَأَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمْ: النردشير مِنْ الشِّطْرَنْجِ. وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ صَحِيحٌ بِاعْتِبَارِ؛ فَإِنَّ النَّرْدَ إذَا كَانَ بِعِوَضِ وَالشِّطْرَنْجَ بِغَيْرِ عِوَضٍ: فَالنَّرْدُ شَرٌّ مِنْهُ وَهُوَ حَرَامٌ حِينَئِذٍ بِالْإِجْمَاعِ. وَأَمَّا إنْ كَانَ كِلَاهُمَا بِعِوَضِ أَوْ كِلَاهُمَا بِلَا عِوَضٍ فَالشِّطْرَنْجُ شَرٌّ مِنْ النَّرْدِ؛ لِأَنَّ الشِّطْرَنْجَ يَشْغَلُ الْقَلْبَ وَيَصُدُّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ أَكْثَرَ مِنْ النَّرْدِ. وَلِهَذَا قِيلَ: الشِّطْرَنْجُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْقَدَرِ وَالنَّرْدُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْجَبْرِ. فَإِنَّ صَاحِبَ النَّرْدِ يَرْمِي وَيَحْسِبُ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَمَّا صَاحِبُ الشِّطْرَنْجِ فَإِنَّهُ يُقَدِّرُ وَيُفَكِّرُ وَيَحْسِبُ حِسَابَ النَّقَلَاتِ قَبْلَ النَّقْلِ؛ فَإِفْسَادُ الشِّطْرَنْجِ لِلْقَلْبِ أَعْظَمُ مِنْ إفْسَادِ النَّرْدِ؛ وَلَكِنْ كَانَ مَعْرُوفًا عِنْدَ الْعَرَبِ؛ وَالشِّطْرَنْجُ لَمْ يُعْرَفْ إلَّا بَعْدَ أَنْ فُتِحَتْ الْبِلَادُ؛ فَإِنَّ أَصْلَهُ مِنْ الْهِنْدِ وَانْتَقَلَ مِنْهُمْ إلَى الْفُرْسِ؛ فَلِهَذَا جَاءَ ذِكْرُ النَّرْدِ فِي الْحَدِيثِ؛ وَإِلَّا فَالشِّطْرَنْجُ شَرٌّ مِنْهُ إذَا اسْتَوَيَا فِي الْعِوَضِ أَوْ عَدِمَهُ. وَقَدْ بُسِطَ جَوَابُ السُّؤَالِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:
عَنْ رَجُلٍ لَعِبَ بِالشِّطْرَنْجِ وَقَالَ: هُوَ خَيْرٌ مِنْ النَّرْدِ: فَهَلْ هَذَا صَحِيحٌ؟ وَهَلْ اللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ بِعِوَضِ أَوْ غَيْرِ عِوَضٍ حَرَامٌ؟ وَمَا قَوْلُ الْعُلَمَاءِ فِيهِ؟
فَأَجَابَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ، اللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ حَرَامٌ عِنْدَ جَمَاهِيرِ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا كَالنَّرْدِ. وَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ