مجموع الفتاوي (صفحة 15850)

سئل عن رجلين اختلفا في الشطرنج، فقال أحدهما: هي حرام، وقال الآخر: هي ترد عن الغيبة مع أنها حلال، فأيهما المصيب؟

وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:

عَنْ رَجُلَيْنِ اخْتَلَفَا فِي " الشِّطْرَنْجِ " فَقَالَ أَحَدُهُمَا: هِيَ حَرَامٌ. وَقَالَ الْآخَرُ: هِيَ تَرُدُّ عَنْ الْغَيْبَةِ وَعَنْ النَّظَرِ إلَى النَّاسِ مَعَ أَنَّهَا حَلَالٌ: فَأَيُّهُمَا الْمُصِيبُ؟

فَأَجَابَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَمَّا إذَا كَانَ بِعِوَضِ أَوْ يَتَضَمَّنُ تَرْكَ وَاجِبٍ: مِثْلَ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا أَوْ تَضْيِيعِ وَاجِبَاتِهَا أَوْ تَرْكِ مَا يَجِبُ مِنْ مَصَالِحِ الْعِيَالِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا أُوجِبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّهُ حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَكَذَلِكَ إذَا تَضَمَّنَ كَذِبًا أَوْ ظُلْمًا وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ؛ فَإِنَّهُ حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ. وَإِذَا خَلَا عَنْ ذَلِكَ فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ: كَمَالِكِ وَأَصْحَابِهِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَأَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَأَصْحَابِهِ وَكَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ حَرَامٌ. وَقَالَ هَؤُلَاءِ: إنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يَقْطَعْ بِأَنَّهُ حَلَالٌ؛ بَلْ كَرِهَهُ. وَقِيلَ: إنَّهُ قَالَ: لَمْ يَتَبَيَّنْ إلَيَّ تَحْرِيمُهُ. وَالْبَيْهَقِي أَعْلَمُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ بِالْحَدِيثِ وَأَنْصَرُهُمْ لِلشَّافِعِيِّ. ذَكَرَ إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ عَلَى الْمَنْعِ مِنْهُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَبِي سَعِيدٍ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي مُوسَى وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَلَمْ يَحْكِ عَنْ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ نِزَاعًا. وَمَنْ نَقَلَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ رَخَّصَ فِيهِ فَهُوَ غالط. وَالْبَيْهَقِي وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَعْلَمُ بِأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ مِمَّنْ يَنْقُلُ أَقْوَالًا بِلَا إسْنَادٍ قَالَ البيهقي: جَعَلَ الشَّافِعِيُّ اللَّعِبَ بِالشِّطْرَنْجِ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015