مجموع الفتاوي (صفحة 1577)

سئل عن قوله صلى الله عليه وسلم: " إذا هم العبد بالحسنة فلم يعملها " الحديث، إذا كان الهم سرا بين العبد وربه، فكيف تطلع الكلائكة عليه؟

سُئِلَ:

عَنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إذَا هَمَّ الْعَبْدُ بِالْحَسَنَةِ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً} الْحَدِيثَ. فَإِذَا كَانَ الْهَمُّ سِرًّا بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ رَبِّهِ فَكَيْفَ تَطَّلِعُ الْمَلَائِكَةُ عَلَيْهِ؟ .

فَأَجَابَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ، قَدْ رُوِيَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَة فِي جَوَابِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ: {إنَّهُ إذَا هَمَّ بِحَسَنَةٍ شَمَّ الْمَلَكُ رَائِحَةً طَيِّبَةً وَإِذَا هَمَّ بِسَيِّئَةٍ شَمَّ رَائِحَةً خَبِيثَةً} . وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّ اللَّهَ قَادِرٌ أَنْ يُعْلِمَ الْمَلَائِكَةَ بِمَا فِي نَفْسِ الْعَبْدِ كَيْفَ شَاءَ كَمَا هُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَطَّلِعَ بَعْضُ الْبَشَرِ عَلَى مَا فِي الْإِنْسَانِ. فَإِذَا كَانَ بَعْضُ الْبَشَرِ قَدْ يَجْعَلُ اللَّهُ لَهُ مِنْ الْكَشْفِ مَا يَعْلَمُ بِهِ أَحْيَانًا مَا فِي قَلْبِ الْإِنْسَانِ: فَالْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِالْعَبْدِ أَوْلَى بِأَنْ يُعَرِّفَهُ اللَّهُ ذَلِكَ. وَقَدْ قِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمَلَائِكَةُ: وَاَللَّهُ قَدْ جَعَلَ الْمَلَائِكَةَ تُلْقِي فِي نَفْسِ الْعَبْدِ الْخَوَاطِرَ كَمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: " إنَّ لِلْمَلَكِ لَمَّةً وَلِلشَّيْطَانِ لَمَّةً فَلَمَّةُ الْمَلَكِ تَصْدِيقٌ بِالْحَقِّ وَوَعْدٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015