وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:
عَنْ رَجُلٍ خَطَبَ عَلَى خِطْبَتِهِ رَجُلٌ آخَرُ: فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ؟
فَأَجَابَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ، ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {لَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ: وَلَا يَسْتَامَ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ} وَلِهَذَا اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ فِي الْمَنْصُوصِ عَنْهُمْ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْأَئِمَّةِ عَلَى تَحْرِيمِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا تَنَازَعُوا فِي صِحَّةِ نِكَاحِ الثَّانِي؟ فِي قَوْلَيْنِ. " أَحَدُهُمَا ": أَنَّهُ بَاطِلٌ؛ كَقَوْلِ مَالِكٍ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. " وَالْآخَرُ ": أَنَّهُ صَحِيحٌ؛ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى؛ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُحَرَّمَ هُوَ مَا تَقَدَّمَ عَلَى الْعَقْدِ وَهُوَ الْخِطْبَةُ. وَمَنْ أَبْطَلَهُ قَالَ: إنَّ ذَلِكَ تَحْرِيمٌ لِلْعَقْدِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. وَلَا نِزَاعَ بَيْنَهُمْ فِي أَنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ عَاصٍ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ؛ وَإِنْ نَازَعَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ أَصْحَابِهِمْ. وَالْإِصْرَارُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ مَعَ الْعِلْمِ بِهَا يَقْدَحُ فِي دِينِ الرَّجُلِ وَعَدَالَتِهِ وَوِلَايَتِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.