وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:
عَنْ رَجُلٍ أَوْقَفَ وَقْفًا عَلَى مَدْرَسَةٍ وَشَرَطَ فِيهَا أَنَّ رِيعَ الْوَقْفِ لِلْعِمَارَةِ؛ وَالثُّلُثَيْنِ يَكُونُ لِلْفُقَهَاءِ؛ وَلِلْمَدْرَسَةِ؛ وَأَرْبَابِ الْوَظَائِفِ. وَشَرَطَ أَنَّ النَّاظِرَ يَرَى بِالْمَصْلَحَةِ؛ وَالْحَالُ جَارِيًا كَذَلِكَ مُدَّةَ ثَلَاثِينَ سَنَةً؛ وَإِنَّ حُصْرَ الْمَدْرَسَةِ وَمَلْءَ الصِّهْرِيجِ يَكُونُ مِنْ جامكية الْفُقَهَاءِ؛ لِأَنَّ لَهُمْ غَيْبَةً؛ وَأَمَاكِنَ غَيْرَهَا؛ وَأَنَّ مَعْلُومَ الْإِمَامِ فِي كُلِّ شَهْرٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا؛ وَكَذَلِكَ الْمُؤَذِّنُ؛ فَطَلَبَ الْفُقَهَاءُ بَعْدَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَابَ الْوَظَائِفِ أَنْ يُشَارِكُوهُمْ فِيمَا يُؤْخَذُ مِنْ جوامكهم؛ لِأَجْلِ الْحُصْرِ؛ وَمَلْءِ الصِّهْرِيجِ؛ وَأَنَّ أَرْبَابَ الْوَظَائِفِ قَائِمُونَ بِهَذِهِ الْوَظِيفَةِ. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ غَيْرُهَا هَلْ يَجِبُ لِلنَّاظِرِ مُوَافَقَةُ الْفُقَهَاءِ عَلَى مَا طَلَبُوهُ. وَنَقْصُ هَؤُلَاءِ الْمَسَاكِينِ عَنْ مَعْلُومِهِمْ الْيَسِيرِ؟ أَمْ لَا؟
فَأَجَابَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ، إذَا رَأَى النَّاظِرُ تَقْدِيمَ أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ - كَالْإِمَامِ؛ وَالْمُؤَذِّنِ - فَقَدْ أَصَابَ فِي ذَلِكَ؛ إذَا كَانَ الَّذِي يَأْخُذُونَهُ لَا يَزِيدُ عَلَى جُعْلِ مِثْلِهِمْ فِي الْعَادَةِ؛ كَمَا أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُقَدِّمَ الْجَابِيَ وَالْحَامِلَ وَالصَّانِعَ وَالْبَنَّاءَ وَنَحْوَهُمْ مِمَّنْ يَأْخُذُ عَلَى عَمَلٍ يَعْمَلُهُ فِي تَحْصِيلِ الْمَالِ؛ أَوْ عِمَارَةِ الْمَكَانِ؛ يُقَدَّمُونَ بِأَخْذِ الْأُجْرَةِ.