الْجُزْءُ الْحَادِي وَالْثَّلَاثُونَ
كِتَابُ الوَقْفِ إِلَى النِكَاحَ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ.
سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَحْمَد ابْنُ تَيْمِيَّة - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:
عَنْ رَجُلٍ احْتَكَرَ مِنْ رَجُلٍ قِطْعَةَ أَرْضِ بُسْتَانٍ ثُمَّ إنَّ الْمُحْتَكِرَ عَمَرَ فِي أَرْضِ الْبُسْتَانِ صُورَةَ مَسْجِدٍ وَبَنَى فِيهَا مِحْرَابًا وَقَالَ لِمَالِكِ الْأَرْضِ: هَذَا عَمَرْته مَسْجِدًا فَلَا تَأْخُذْ مِنِّي حِكْرَهُ فَأَجَابَهُ إلَى ذَلِكَ ثُمَّ إنَّ مَالِكَ الْأَرْضِ بَاعَ الْبُسْتَانَ وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهُ شَيْئًا. فَهَلْ يَصِيرُ هَذَا الْمَكَانُ مَسْجِدًا بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَإِذَا لَمْ يَصِرْ مَسْجِدًا بِذَلِكَ: فَهَلْ يَكُونُ عَدَمُ أَخْذِ مَالِكِ الْأَرْضِ الْحِكْرَ يَصِيرُ مَسْجِدًا؟ وَإِذَا لَمْ يَصِرْ بَيْعَ الْبُسْتَانِ جَمِيعِهِ: هَلْ يَجُوزُ لِبَانِي صُورَةِ الْمَسْجِدِ أَنْ يَضَعَ مَا بَنَاهُ؟
فَأَجَابَ:
إذَا لَمْ يُسَبِّلْ لِلنَّاسِ كَمَا تُسَبَّلُ الْمَسَاجِدُ؛ بِحَيْثُ تُصَلَّى فِيهِ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ الَّتِي تُصَلَّى فِي الْمَسَاجِدِ لَمْ يَصِرْ مَسْجِدًا بِمُجَرَّدِ الْإِذْنِ فِي الْعِمَارَةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ قُرْبَةً يَقْتَضِي خُرُوجَهُ مِنْ الْمَبِيعِ دَخَلَ فِي الْمَبِيعِ؛ فَإِنَّ الشُّرُوعَ فِي تَصْيِيرِهِ مَسْجِدًا لَا يَجْعَلُهُ مَسْجِدًا.