يَجُوزُ الْبِنَاءُ فِيهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْبِنَاءُ كَالدَّخَلَاتِ الَّتِي تَكُونُ مُنْحَرِفَةً عَنْ جَادَّةِ الطَّرِيقِ مُتَّصِلَةٌ بِالدَّارِ وَالْمَسْجِدِ وَمُتَّصِلَةٌ بِالطَّرِيقِ وَأَهْلُ الطَّرِيقِ لَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهَا؛ إلَّا إذَا قُدِّرَ رَحْبَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ الْعَادَةِ وَهِيَ تُشْبِهُ الطَّرِيقَ الَّذِي يُنْفِذُ الْمُتَّصِلَ بِالطَّرِيقِ النَّافِذِ فَإِنَّهُمْ فِي هَذَا كُلِّهِ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِمْ. وَلَوْ أَرَادُوا أَنْ يَبْنُوا فِيهِ وَيَجْعَلُوا عَلَيْهِ بَابًا جَازَ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ؛ لِمَا تَقَدَّمَ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ غَيْرِهِمْ مِنْ الدُّخُولِ إلَيْهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ. وَالْأَكْثَرُونَ يَقُولُونَ: حَقُّهُمْ فِيهِ إنَّمَا هُوَ جَوَازُ الِانْتِفَاعِ إذَا لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ كَمَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِالصَّحْرَاءِ الْمَمْلُوكَةِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَضُرُّ بِأَصْحَابِهَا: كَالصَّلَاةِ فِيهَا وَالْمَقِيلِ فِيهَا وَنُزُولِ الْمُسَافِرِ فِيهَا؛ فَإِنَّ هَذَا جَائِزٌ فِيهَا. وَفِي أَفْنِيَةِ الدَّوْرِ بِدُونِ إذْنِ الْمَالِكِ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ. وَذَكَرَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فِي الِانْتِفَاعِ بِالْفِنَاءِ بِدُونِ إذْنِ الْمَالِكِ قَوْلَيْنِ وَذَكَرَ أَصْحَابُ أَحْمَد فِي الصَّحْرَاءِ وَجْهًا بِالْمَنْعِ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهَا وَهُوَ بَعِيدٌ عَلَى نُصُوصِ أَحْمَد وَأُصُولِهِ؛ فَإِنَّهُ يُجَوِّزُ أَكْلَ الثَّمَرَةِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ. فَكَيْفَ بِالْمَنَافِعِ الَّتِي لَا تَضُرُّهُ وَيَجُوزُ عَلَى الْمَنْصُوصِ عَنْهُ رَعْيُ الْكَلَأِ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ فَيَدْخُلُهَا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهَا لِأَجْلِ الْكَلَأِ. وَإِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ مَنَعَ ذَلِكَ.