مجموع الفتاوي (صفحة 1468)

فصل: في بيان قول من قال: إن الحشوية على ضربين، أحدهما: لا يتحاشى من الحشو والتشبيه، والاخر تستر بمذهب السلف

فَصْلٌ:

وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ الْحَشْوِيَّةَ عَلَى ضَرْبَيْنِ أَحَدُهُمَا: لَا يَتَحَاشَى مِنْ الْحَشْوِ وَالتَّشْبِيهِ وَالتَّجْسِيمِ. وَالْآخَرُ: تَسَتُّرٌ بِمَذْهَبِ السَّلَفِ. وَمَذْهَبُ السَّلَفِ إنَّمَا هُوَ التَّوْحِيدُ وَالتَّنْزِيهُ؛ دُونَ التَّشْبِيهِ وَالتَّجْسِيمِ وَكَذَا جَمِيعُ الْمُبْتَدِعَةِ يَزْعُمُونَ هَذَا فِيهِمْ كَمَا قَالَ الْقَائِلُ: وَكُلٌّ يَدَّعِي وَصْلًا لِلَيْلَى وَلَيْلَى لَا تُقِرُّ لَهُمْ بذاكا فَهَذَا الْكَلَامُ فِيهِ حَقٌّ وَبَاطِلٌ. فَمِنْ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ: ذَمُّ مَنْ يُمَثِّلُ اللَّهَ بِمَخْلُوقَاتِهِ وَيَجْعَلُ صِفَاتِهِ مَنْ جِنْسِ صِفَاتِهِمْ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} وَقَالَ: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} . وَقَدْ بَسَطْنَا الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ وَذَكَرْنَا الدَّلَالَاتِ الْعَقْلِيَّةَ الَّتِي دَلَّ عَلَيْهَا كِتَابُ اللَّهِ فِي نَفْيِ ذَلِكَ وَبَيَّنَّا مِنْهُ مَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْنُّفَاةِ الَّذِينَ يَتَّسِمُونَ بِالتَّنْزِيهِ وَلَا يُوجَدُ فِي كُتُبِهِمْ وَلَا يُسْمَعُ مِنْ أَئِمَّتِهِمْ؛ بَلْ عَامَّةُ حُجَجِهِمْ الَّتِي يَذْكُرُونَهَا حُجَجٌ ضَعِيفَةٌ. لِأَنَّهُمْ يَقْصِدُونَ إثْبَاتَ حَقٍّ وَبَاطِلٍ فَلَا يَقُومُ عَلَى ذَلِكَ حُجَّةٌ مُطَّرِدَةٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015