مجموع الفتاوي (صفحة 14611)

الشرط المخالف لكتاب الله باطل وإن تراضى الأطراف عليه

وَالْأَصْلُ الثَّانِي: أَنَّ الشَّرْطَ الْمُخَالِفَ لِكِتَابِ اللَّهِ إذَا لَمْ يَرْضَيَا إلَّا بِهِ فَقَدْ الْتَزَمَا مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ. فَلَا يَلْزَمُ كَمَا لَوْ نَذَرَ الْمَعْصِيَةَ. وَسَوَاءٌ كَانَا عَالِمَيْنِ أَوْ جَاهِلَيْنِ وَإِنْ اشْتَرَطَهُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ يَعْتَقِدُ جَوَازَهُ فَلَمْ يَرْضَ إلَّا بِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْعَقْدُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْتَزَمَهُ لِلَّهِ فَيَلْزَمُهُ مَا كَانَ لِلَّهِ؛ دُونَ مَا لَمْ يَكُنْ: كَالنَّذْرِ وَالْوَقْفِ وَالْوَصِيَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا تَتَفَرَّقُ فِيهِ الصَّفْقَةُ. وَإِنْ عَرَفَ أَنَّهُ حَرَامٌ وَشَرَطَهُ فَهُوَ كَشَرْطِ أَهْلِ بَرِيرَةَ: شَرْطُهُ بَاطِلٌ وَلَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ. وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْعُقُودِ. فَمِنْ الْفُقَهَاءِ مَنْ أَبْطَلَ شُرُوطًا كَثِيرَةً فِي النِّكَاحِ بِلَا حُجَّةٍ. ثُمَّ الشَّرْطُ الْبَاطِلُ فِي النِّكَاحِ قَالُوا: يَبْطُلُ وَيَصِحُّ النِّكَاحُ بِدُونِهِ وَالْمُشْتَرِطُ لِلنِّكَاحِ لَمْ يَرْضَ إلَّا بِهِ وَالشُّرُوطُ فِي النِّكَاحِ أَوْكَدُ مِنْهَا فِي الْبَيْعِ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوَفُّوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ} . فَلَزِمَهُمْ مِنْ مُخَالَفَةِ النُّصُوصِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ وَإِلْزَامُ الْخَلْقِ بِشَيْءٍ لَمْ يَلْتَزِمُوهُ وَلَا أَلْزَمَهُمْ اللَّهُ بِهِ. فَأَوْجَبُوا عَلَى النَّاسِ مَا لَمْ يُوجِبْهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. ثُمَّ قَدْ يَتَوَسَّعُونَ فِي الطَّلَاقِ الَّذِي يُبْغِضُهُ اللَّهُ فَيُحَرِّمُونَ عَلَى النَّاسِ مَا لَمْ يُحَرِّمْهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ثُمَّ يُبِيحُونَ ذَلِكَ بِالْعُقُودِ الْمَشْرُوطَةِ فِيهَا الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ فَيُحَلِّلُونَ مَا لَمْ يُحَلِّلْهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. مِثَالُ ذَلِكَ: أَنَّ شَرْطَ التَّحْلِيلِ فِي الْعَقْدِ شَرْطٌ حَرَامٌ بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015