مجموع الفتاوي (صفحة 14473)

لَمَّا حَجَّ أَبُو بَكْرٍ لِمَنْ لَمْ يَسْلَمْ مِنْهُمْ أَجَلَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَإِلَّا جَعَلَهُ مُحَارَبًا يَسْتَبِيحُ دَمَهُ وَمَالَهُ وَلَوْ كَانَ قَدْ فَتَحَهَا صُلْحًا لَمْ يَجُزْ نَقْضُ ذَلِكَ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ اسْتَبَاحَ قَتْلَ جَمَاعَةٍ سَمَّاهُمْ. . . (1) وَلَكِنْ فَتَحَهَا عَنْوَةً وَأَمَّنَ مَنْ تَرَكَ الْقِتَالَ مِنْهُمْ فَقَدْ أَمَّنَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ؛ إلَّا نَفَرًا اسْتَثْنَاهُمْ وَكَانَ قَدْ أَرْسَلَ بِهَذَا الْأَمَانِ مَعَ أَبِي سُفْيَانَ فَمِنْهُمْ مَنْ قَبِلَهُ فَانْعَقَدَ لَهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ فَحَارَبَ أَوْ هَرَبَ. وَالْأَمَانُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِقَبُولِ الْمُؤَمَّنِ كَالْهُدْنَةِ. وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَتْرُكْ الْقِتَالَ فَلَمْ يُؤَمِّنْهُ بِحَالِ؛ لَكِنْ خَصَّ وَعَمَّ فِي أَلْفَاظِ الْأَمَانِ. وَالْمَقْصُودُ وَاحِدٌ. فَإِنَّ قَوْلَهُ: {مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ: وَمَنْ دَخَلَ دَارَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ أَلْقَى السِّلَاحَ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ} كُلُّهَا أَلْفَاظٌ مَعْنَاهَا مَنْ اسْتَسْلَمَ فَلَمْ يُقَاتِلْ فَهُوَ آمِنٌ وَلِهَذَا سَمَّاهُمْ الطُّلَقَاءَ كَأَنَّهُ أَسَرَهُمْ ثُمَّ أَطْلَقَهُمْ كُلَّهُمْ. . . (2)

وَقَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ: لَمَّا فَتَحَهَا عَنْوَةً وَلَمْ يُقَسِّمْهَا بَلْ أَقَرَّهَا فِي يَدِ أَهْلِهَا صَارَ هَذَا أَصْلًا فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ إقْرَارُهَا فِي يَدِ أَهْلِهَا. قَالُوا هُمْ وَأَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ فِي أَحَدِ التَّعْلِيلَيْنِ: وَلِهَذَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا وَإِجَارَتُهَا؛ لِكَوْنِهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً وَلَمْ تُقَسَّمْ كَسَائِرِ أَرْضِ الْعَنْوَةِ وَرُبَّمَا يَقُولُونَ: صَارَ إنْزَالُ أَهْلِ مَكَّةَ لِلنَّاسِ عِنْدَهُمْ هُوَ الْخَرَاجُ الْمَضْرُوبُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015