مجموع الفتاوي (صفحة 13786)

وجوب حفظ علم الدين وتبليغه على أهل العلم

إضَاعَتُهُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ أَجْذَمُ} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَقَالَ: {عُرِضَتْ عَلَيَّ أَعْمَالُ أُمَّتِي - حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا - فَرَأَيْت فِي مَسَاوِئِ أَعْمَالِهَا الرَّجُلُ يُؤْتِيهِ اللَّهُ آيَةً مِنْ الْقُرْآنِ ثُمَّ يَنَامُ عَنْهَا حَتَّى يَنْسَاهَا} وَقَالَ: {مَنْ تَعَلَّمَ الرَّمْيَ ثُمَّ نَسِيَهُ فَلَيْسَ مِنَّا} رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَكَذَلِكَ الشُّرُوعُ فِي عَمَلِ الْجِهَادِ. فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ إذَا صافوا عَدُوًّا أَوْ حَاصَرُوا حِصْنًا لَيْسَ لَهُمْ الِانْصِرَافُ عَنْهُ حَتَّى يَفْتَحُوهُ. وَلِذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَا يَنْبَغِي لِنَبِيِّ إذَا لَبِسَ لَأْمَتَهُ أَنْ يَنْزِعَهَا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدُوِّهِ} . فَالْمُرْصِدُونَ لِلْعِلْمِ عَلَيْهِمْ لِلْأُمَّةِ حِفْظُ عِلْمِ الدِّينِ وَتَبْلِيغُهُ؛ فَإِذَا لَمْ يُبَلِّغُوهُمْ عِلْمَ الدِّينِ أَوْ ضَيَّعُوا حِفْظَهُ كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ الظُّلْمِ لِلْمُسْلِمِينَ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} فَإِنَّ ضَرَرَ كِتْمَانِهِمْ تَعَدَّى إلَى الْبَهَائِمِ وَغَيْرِهَا فَلَعَنَهُمْ اللَّاعِنُونَ حَتَّى الْبَهَائِمُ. كَمَا أَنَّ مُعَلِّمَ الْخَيْرِ يُصَلِّي عَلَيْهِ اللَّهُ وَمَلَائِكَتُهُ وَيَسْتَغْفِرُ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ حَتَّى الْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْبَحْرِ وَالطَّيْرُ فِي جَوِّ السَّمَاءِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015