مجموع الفتاوي (صفحة 13706)

فصل: تمام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالعقوبة الشرعية

فَصْلٌ:

" الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ " لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْعُقُوبَاتِ الشَّرْعِيَّةِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ يَزَعُ بِالسُّلْطَانِ. مَا لَا يَزَعُ بِالْقُرْآنِ. وَإِقَامَةُ الْحُدُودِ وَاجِبَةٌ عَلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ؛ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالْعُقُوبَةِ عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبَاتِ وَفِعْلِ الْمُحَرَّمَاتِ. فَمِنْهَا عُقُوبَاتٌ مُقَدَّرَةٌ؛ مِثْلَ جَلْدِ الْمُفْتَرِي ثَمَانِينَ وَقَطْعِ السَّارِقِ. وَمِنْهَا عُقُوبَاتٌ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ قَدْ تُسَمَّى " التَّعْزِيرَ ". وَتَخْتَلِفُ مَقَادِيرُهَا وَصِفَاتُهَا بِحَسَبِ كِبَرِ الذُّنُوبِ وَصِغَرِهَا؛ وَبِحَسَبِ حَالِ الْمُذْنِبِ؛ وَبِحَسَبِ حَالِ الذَّنْبِ فِي قِلَّتِهِ وَكَثْرَتِهِ. " وَالتَّعْزِيرُ " أَجْنَاسٌ. فَمِنْهُ مَا يَكُونُ بِالتَّوْبِيخِ وَالزَّجْرِ بِالْكَلَامِ. وَمِنْهُ مَا يَكُونُ بِالْحَبْسِ. وَمِنْهُ مَا يَكُونُ بِالنَّفْيِ عَنْ الْوَطَنِ. وَمِنْهُ مَا يَكُونُ بِالضَّرْبِ. فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِتَرْكِ وَاجِبٍ مِثْلَ الضَّرْبِ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ أَوْ تَرْكِ أَدَاءِ الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ: مِثْلَ تَرْكِ وَفَاءِ الدَّيْنِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ؛ أَوْ عَلَى تَرْكِ رَدِّ الْمَغْصُوبِ؛ أَوْ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ إلَى أَهْلِهَا: فَإِنَّهُ يُضْرَبُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْوَاجِبَ وَيُفَرَّقُ الضَّرْبُ عَلَيْهِ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ. وَإِنْ كَانَ الضَّرْبُ عَلَى ذَنْبٍ مَاضٍ جَزَاءً بِمَا كَسَبَ وَنَكَالًا مِنْ اللَّهِ لَهُ وَلِغَيْرِهِ: فَهَذَا يُفْعَلُ مِنْهُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ فَقَطْ وَلَيْسَ لِأَقَلِّهِ حَدٌّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015