وَالْوِلَايَاتُ كُلُّهَا: الدِّينِيَّةُ - مِثْلَ إمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَا دُونَهَا: مِنْ مُلْكٍ وَوِزَارَةٍ وَدِيوَانِيَّةٍ سَوَاءٌ كَانَتْ كِتَابَةَ خِطَابٍ أَوْ كِتَابَةَ حِسَابٍ لِمُسْتَخْرَجِ أَوْ مَصْرُوفٍ فِي أَرْزَاقِ الْمُقَاتِلَةِ أَوْ غَيْرِهِمْ وَمِثْلَ إمَارَةِ حَرْبٍ وَقَضَاءٍ وَحِسْبَةٍ وَفُرُوعُ هَذِهِ الْوِلَايَاتِ - إنَّمَا شُرِعَتْ لِلْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَدِينَتِهِ النَّبَوِيَّةِ يَتَوَلَّى جَمِيعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِوُلَاةِ الْأُمُورِ وَيُوَلِّي فِي الْأَمَاكِنِ الْبَعِيدَةِ عَنْهُ كَمَا وَلَّى عَلَى مَكَّةَ عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ وَعَلَى الطَّائِفِ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي العاص وَعَلَى قُرَى عرينة خَالِدَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ العاص وَبَعَثَ عَلِيًّا وَمُعَاذًا وَأَبَا مُوسَى إلَى الْيَمَنِ. وَكَذَلِكَ كَانَ يُؤَمِّرُ عَلَى السَّرَايَا وَيَبْعَثُ عَلَى الْأَمْوَالِ الزكوية السُّعَاةَ فَيَأْخُذُونَهَا مِمَّنْ هِيَ عَلَيْهِ وَيَدْفَعُونَهَا إلَى مُسْتَحَقِّيهَا الَّذِينَ سَمَّاهُمْ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ فَيَرْجِعُ السَّاعِي إلَى الْمَدِينَةِ وَلَيْسَ مَعَهُ إلَّا السَّوْطُ لَا يَأْتِي إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءِ إذَا وَجَدَ لَهَا مَوْضِعًا يَضَعُهَا فِيهِ. وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَوْفِي الْحِسَابَ عَلَى الْعُمَّالِ؛ يُحَاسِبُهُمْ عَلَى الْمُسْتَخْرَجِ وَالْمَصْرُوفِ؛ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي حميد الساعدي {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنْ الأزد يُقَالُ لَهُ: ابْنُ اللتبية عَلَى الصَّدَقَاتِ؛ فَلَمَّا رَجَعَ حَاسَبَهُ فَقَالَ: هَذَا لَكُمْ