وَصْفٍ وَلَا تَشْبِيهٍ فَمَنْ فَسَّرَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ خَرَجَ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ. فَإِنَّهُمْ لَمْ يَصِفُوا وَلَمْ يُفَسِّرُوا وَلَكِنْ آمَنُوا بِمَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ثُمَّ سَكَتُوا. فَمَنْ قَالَ بِقَوْلِ جَهْمٍ فَقَدْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ " انْتَهَى. فَانْظُرْ - رَحِمَك اللَّهُ - إلَى هَذَا الْإِمَامِ كَيْفَ حَكَى الْإِجْمَاعَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَا خَيْرَ فِيمَا خَرَجَ عَنْ إجْمَاعِهِمْ. وَلَوْ لَزِمَ التَّجْسِيمُ مِنْ السُّكُوتِ عَنْ تَأْوِيلِهَا لَفَرُّوا مِنْهُ. وَأَوَّلُوا ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُمْ أَعْرَفُ الْأُمَّةِ بِمَا يَجُوزُ عَلَى اللَّهِ وَمَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ. وَثَبَتَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّابُونِيِّ أَنَّهُ قَالَ: " إنَّ أَصْحَابَ الْحَدِيثِ الْمُتَمَسِّكِينَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يَعْرِفُونَ رَبَّهُمْ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - بِصِفَاتِهِ الَّتِي نَطَقَ بِهَا كِتَابُهُ وَتَنْزِيلُهُ وَشَهِدَ لَهُ بِهَا رَسُولُهُ؛ عَلَى مَا وَرَدَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ الصِّحَاحُ وَنَقَلَهُ الْعُدُولُ الثِّقَاتُ. وَلَا يَعْتَقِدُونَ تَشْبِيهًا لِصِفَاتِهِ بِصِفَاتِ خَلْقِهِ وَلَا يُكَيِّفُونَهَا تَكْيِيفَ الْمُشَبِّهِ وَلَا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ تَحْرِيفَ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْجَهْمِيَّة. وَقَدْ أَعَاذَ اللَّهُ " أَهْلَ السُّنَّةِ " مِنْ التَّحْرِيفِ وَالتَّكْيِيفِ وَمَنَّ عَلَيْهِمْ بِالتَّفْهِيمِ وَالتَّعْرِيفِ حَتَّى سَلَكُوا سَبِيلَ التَّوْحِيدِ وَالتَّنْزِيهِ وَتَرَكُوا الْقَوْلَ بِالتَّعْطِيلِ وَالتَّشْبِيهِ وَاكْتَفَوْا بِنَفْيِ النَّقَائِصِ بِقَوْلِهِ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} ". وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: " مَا لَمْ يَعْرِفْهُ الْبَدْرِيُّونَ فَلَيْسَ مِنْ الدِّينِ ". وَثَبَتَ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْت الشَّافِعِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -