كَمَا ذُكِرَ فِي " سُورَةِ الْبَقَرَةِ " وَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ إلَى الْكَعْبَةِ وَصَارَتْ هِيَ الْقِبْلَةَ وَهِيَ قِبْلَةُ إبْرَاهِيمَ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ. فَمَنْ اتَّخَذَ الصَّخْرَةَ الْيَوْمَ قِبْلَةً يُصَلِّي إلَيْهَا فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ؛ مَعَ أَنَّهَا كَانَتْ قِبْلَةً لَكِنْ نُسِخَ ذَلِكَ فَكَيْفَ بِمَنْ يَتَّخِذُهَا مَكَانًا يُطَافُ بِهِ كَمَا يُطَافُ بِالْكَعْبَةِ؟ وَالطَّوَافُ بِغَيْرِ الْكَعْبَةِ لَمْ يَشْرَعْهُ اللَّهُ بِحَالِ وَكَذَلِكَ مَنْ قَصَدَ أَنْ يَسُوقَ إلَيْهَا غَنَمًا أَوْ بَقَرًا لِيَذْبَحَهَا هُنَاكَ وَيَعْتَقِدُ أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ فِيهَا أَفْضَلُ وَأَنْ يَحْلِقَ فِيهَا شَعْرَهُ فِي الْعِيدِ أَوْ أَنْ يُسَافِرَ إلَيْهَا لِيَعْرِفَ بِهَا عَشِيَّةَ عَرَفَةَ. فَهَذِهِ الْأُمُورُ الَّتِي يُشَبَّهُ بِهَا بَيْتُ الْمَقْدِسِ فِي الْوُقُوفِ وَالطَّوَافِ وَالذَّبْحِ وَالْحَلْقِ مِنْ الْبِدَعِ وَالضَّلَالَاتِ وَمَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مُعْتَقِدًا أَنَّ هَذَا قُرْبَةٌ إلَى اللَّهِ فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ كَمَا لَوْ صَلَّى إلَى الصَّخْرَةِ مُعْتَقِدًا أَنَّ اسْتِقْبَالَهَا فِي الصَّلَاةِ قُرْبَةٌ كَاسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ؛ وَلِهَذَا بَنَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مُصَلَّى الْمُسْلِمِينَ فِي مُقَدِّمِ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى. فَإِنَّ " الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى " اسْمٌ لِجَمِيعِ الْمَسْجِدِ الَّذِي بَنَاهُ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَدْ صَارَ بَعْضُ النَّاسِ يُسَمِّي الْأَقْصَى الْمُصَلَّى الَّذِي بَنَاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي مُقَدِّمِهِ وَالصَّلَاةُ فِي هَذَا الْمُصَلَّى الَّذِي بَنَاهُ عُمَرُ لِلْمُسْلِمِينَ أَفْضَلَ مِنْ الصَّلَاةِ فِي سَائِرِ الْمَسْجِدِ؛ فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمَّا