مجموع الفتاوي (صفحة 12313)

الشيء المفضل من حيث الجملة ليس هو الأفضل في كل حال

{وَقَالَ جَابِرٌ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا عَلَوْنَا كَبَّرْنَا وَإِذَا هَبَطْنَا سَبَّحْنَا فَوُضِعَتْ الصَّلَاةُ عَلَى ذَلِكَ} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ. فَبَيَّنَ أَنَّ التَّكْبِيرَ مَشْرُوعٌ عِنْدَ الْعُلُوِّ مِنْ الْأَمْكِنَةِ وَالْأَفْعَالِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَالْأَذَانِ وَالتَّسْبِيحَ مَشْرُوعٌ عِنْدَ الِانْخِفَاضِ فِي الْأَمْكِنَةِ وَالْأَفْعَالِ كَمَا فِي السُّجُودِ وَالرُّكُوعِ. وَلِهَذَا كَانَتْ السُّنَّةُ فِي التَّسْبِيحِ الْإِخْفَاءَ حِينَ شُرِعَ فَلَمْ يُشْرَعْ مِنْ الْجَهْرِ بِهِ وَالْإِعْلَانَ مَا شُرِعَ مِنْ ذَلِكَ فِي التَّكْبِيرِ وَالتَّهْلِيلِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي وَصْفِ الذِّكْرِ إنَّمَا هُوَ لِلزِّيَادَةِ فِي أَمْرِهِ. وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ: {أَفْضَلُ الْكَلَامِ مَا اصْطَفَى اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ} فَيُشْبِهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي الْكَلَامِ الَّذِي لَا يُسَنُّ فِيهِ الْجَهْرُ كَمَا فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَنَحْوِهِ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ مُطْلَقًا بِدَلِيلِ أَنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ أَفْضَلُ مِنْ الذِّكْرِ وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. وَقَالَ: {إنِّي نُهِيت أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا أَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقُمْنَ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ} . وَهُنَا أَصْلٌ يَنْبَغِي أَنْ نَعْرِفَهُ. وَهُوَ أَنَّ الشَّيْءَ إذَا كَانَ أَفْضَلَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ لَمْ يَجِبْ أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ فِي كُلِّ حَالٍ وَلَا لِكُلِّ أَحَدٍ بَلْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015