مجموع الفتاوي (صفحة 12307)

مشروعية التكبير عند كل أمر عظيم

أَكْبَرُ مَا يَطْلُبُهُ الْعَبْدُ وَهِيَ جِمَاعُ مَصَالِحِهِ. وَالْهَدْيُ أَعْظَمُ مِنْ الرِّزْقِ وَالنَّصْرِ لِأَنَّ الرِّزْقَ وَالنَّصْرَ قَدْ لَا يُنْتَفَعُ بِهِمَا إلَّا فِي الدُّنْيَا وَأَمَّا الْهَدْيُ فَمَنْفَعَتُهُ فِي الْآخِرَةِ قَطْعًا وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالرِّزْقِ وَالنَّصْرِ فَخُصَّ بِصَرِيحِ التَّكْبِيرِ؛ لِأَنَّهُ أَكْبَرُ نِعْمَةِ الْحَقِّ. وذانك دُونَهُ فَوُسِّعَ الْأَمْرُ فِيهِمَا بِعُمُومِ ذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ. فَجِمَاعُ هَذَا أَنَّ التَّكْبِيرَ مَشْرُوعٌ عِنْدَ كُلِّ أَمْرٍ كَبِيرٍ مِنْ مَكَانٍ وَزَمَانٍ وَحَالٍ وَرِجَالٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّ اللَّهَ أَكْبَرُ لِتَسْتَوْلِيَ كِبْرِيَاؤُهُ فِي الْقُلُوبِ عَلَى كِبْرِيَاءِ مَا سِوَاهُ وَيَكُونَ لَهُ الشَّرَفُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ. {قَالَ تَعَالَى فِيمَا رَوَى عَنْهُ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَظَمَةُ إزَارِي وَالْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا عَذَّبْته} . وَلَمَّا قَالَ سُبْحَانَهُ: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} ذَكَرَ التَّكْبِيرَ وَالشُّكْرَ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} وَالشُّكْرُ يَكُونُ بِالْقَوْلِ وَهُوَ الْحَمْدُ وَيَكُونُ بِالْعَمَلِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا} فَقَرَنَ بِتَكْبِيرِ الْأَعْيَادِ الْحَمْدَ. فَقِيلَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ طُلِبَ فِيهِ التَّكْبِيرُ وَالشُّكْرُ. وَلِهَذَا رُوِيَ فِي الْأَثَرِ أَنَّهُ يُقَالُ فِيهِ: {اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَوْلَانَا} لِيَجْمَعَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْحَمْدِ حَمْدَ الشُّكْرِ كَمَا جَمَعَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015