لَكِنْ بَيَّنَ بِهَذَا جَوَازَ الْقَصْرِ فِي مِثْلِ هَذَا لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ بَلَغَهُ أَنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ لَا يَقْصُرُونَ فِي السَّوَادِ فَأَجَابَهُ ابْنُ عُمَرَ بِجَوَازِ الْقَصْرِ. وَأَمَّا مَا رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جريج: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ أَدْنَى مَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ إلَيْهِ مَالٌ لَهُ بِخَيْبَرِ وَهِيَ مَسِيرَةُ ثَلَاثِ قَوَاصِدَ لَمْ يَقْصُرْ فِيمَا دُونَهُ. وَكَذَلِكَ مَا رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ حميد كِلَاهُمَا عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فِيمَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَخَيْبَرَ وَهِيَ بِقَدْرِ الْأَهْوَازِ مِنْ الْبَصْرَةِ لَا يَقْصُرُ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ حَزْمٍ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَخَيْبَرَ كَمَا بَيْنَ الْبَصْرَةِ وَالْأَهْوَازِ وَهِيَ مِائَةُ مِيلٍ غَيْرَ أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ. قَالَ: وَهَذَا مِمَّا اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى ابْنِ عُمَرَ ثُمَّ عَلَى نَافِعٍ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ. قُلْت: هَذَا النَّفْيُ وَهُوَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصُرْ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ غَلَطٌ قَطْعًا لَيْسَ هَذَا حِكَايَةً عَنْ قَوْلِهِ حَتَّى يُقَالَ إنَّهُ اخْتَلَفَ اجْتِهَادُهُ بَلْ نَفْيٌ لِقَصْرِهِ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ (وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ بِالرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ مِنْ طَرِيقِ نَافِعٍ وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ قَصَرَ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ فَهَذَا قَدْ يَكُونُ غَلَطًا. فَمَنْ رَوَى عَنْ أَيُّوبَ إنْ قَدَّرَ أَنَّ نَافِعًا رَوَى هَذَا فَيَكُونُ حِينَ حَدَّثَ بِهَذَا قَدْ نَسِيَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَصَرَ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَصَرَ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ) (*) .