رَوَى الْحَدِيثَ الْمَعْرُوفَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ إسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ السبيعي عَنْ أَبِي لَيْلَى قَالَ أَقْبَلَ سَلْمَانُ فِي اثْنَيْ عَشَرَ رَاكِبًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَقَالُوا: تَقَدَّمْ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: إنَّا لَا نَؤُمُّكُمْ وَلَا نَنْكِحُ نِسَاءَكُمْ؛ إنَّ اللَّهَ هَدَانَا بِكُمْ قَالَ: فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ فَصَلَّى بِهِمْ أَرْبَعًا قَالَ: فَقَالَ سَلْمَانُ مَا لَنَا وَلَا لِمُرَبَّعَةٍ إنَّمَا كَانَ يَكْفِينَا نِصْفُ الْمُرَبَّعَةِ وَنَحْنُ إلَى الرُّخْصَةِ أَحْوَجُ. قَالَ: فَبَيَّنَ سَلْمَانُ بِمَشْهَدِ هَؤُلَاءِ الصَّحَابَةِ أَنَّ الْقَصْرَ رُخْصَةٌ. قُلْت: هَذِهِ الْقَضِيَّةُ كَانَتْ فِي خِلَافَةِ [عُثْمَان] (*) وَسَلْمَانُ قَدْ أَنْكَرَ التَّرْبِيعَ وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ خِلَافَ السُّنَّةِ الْمَعْرُوفَةِ عِنْدَهُمْ فَإِنَّهُ لَمْ تَكُنْ الْأَئِمَّةُ يُرَبِّعُونَ فِي السَّفَرِ وَقَوْلُهُ: وَنَحْنُ إلَى الرُّخْصَةِ أَحْوَجُ. يُبَيِّنُ أَنَّهَا رُخْصَةٌ وَهِيَ رُخْصَةٌ مَأْمُورٌ بِهَا كَمَا أَنَّ أَكْلَ الْمَيْتَةِ فِي الْمَخْمَصَةِ رُخْصَةٌ وَهِيَ مَأْمُورٌ بِهَا وَفِطْرَ الْمَرِيضِ رُخْصَةٌ وَهُوَ مَأْمُورٌ بِهِ وَالصَّلَاةَ بِالتَّيَمُّمِ رُخْصَةٌ مَأْمُورٌ بِهَا وَالطَّوَافُ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَدْ قَالَ اللَّهُ فِيهِ: {فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} وَهُوَ مَأْمُورٌ بِهِ إمَّا رُكْنٌ وَإِمَّا وَاجِبٌ وَإِمَّا سُنَّةٌ وَاَلَّذِي صَلَّى بِسَلْمَانَ أَرْبَعًا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى الْقَصْرَ لِمِثْلِهِ؛ إمَّا لِأَنَّ سَفَرَهُ كَانَ قَصْرًا عِنْدَهُ