وَالْأَوَّلُ: قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ. وَالثَّانِي: قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ الْقَوْلُ الْآخَرُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد اخْتَارَهُ الخرقي وَغَيْرُهُ. وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ سُنَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ كَانَ يَقْصُرُ بِأَصْحَابِهِ وَلَا يُعْلِمُهُمْ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ أَنَّهُ يَقْصُرُ وَلَا يَأْمُرُهُمْ بِنِيَّةِ الْقَصْرِ. وَلِهَذَا {لَمَّا سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ نَاسِيًا قَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ: أَقُصِرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيت؟ فَقَالَ: لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تُقْصَرْ قَالَ: بَلَى قَدْ نَسِيت} . وَفِي رِوَايَةٍ. {لَوْ كَانَ شَيْءٌ لَأَخْبَرْتُكُمْ بِهِ} وَلَمْ يَقُلْ لَوْ قُصِرَتْ لَأَمَرْتُكُمْ أَنْ تَنْوُوا الْقَصْرَ وَكَذَلِكَ لَمَّا جَمَعَ بِهِمْ لَمْ يُعْلِمْهُمْ أَنَّهُ جَمَعَ قَبْلَ الدُّخُولِ بَلْ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ يَجْمَعُ حَتَّى يَقْضِيَ الصَّلَاةَ الْأُولَى فَعُلِمَ أَيْضًا أَنَّ الْجَمْعَ لَا يَفْتَقِرُ إلَى أَنْ يَنْوِيَ حِينَ الشُّرُوعِ فِي الْأُولَى كَقَوْلِ الْجُمْهُورِ وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَد يُوَافِقُ ذَلِكَ. وَقَدْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي التَّرْبِيعِ فِي السَّفَرِ: هَلْ هُوَ حَرَامٌ؟ أَوْ مَكْرُوهٌ؟ أَوْ تَرْكُ الْأَوْلَى؟ أَوْ هُوَ الرَّاجِحُ؟ فَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَوْلٌ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ: أَنَّ الْقَصْرَ وَاجِبٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا