وَأَمَّا الْقَصْرُ فَكُلُّ الصَّحَابَةِ كَانُوا يَقْصُرُونَ مِنْهُمْ أَهْلُ مَكَّةَ وَغَيْرُ أَهْلِ مَكَّةِ بِمِنًى وَعَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا وَقَدْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي التَّرْبِيعِ: هَلْ هُوَ مُحَرَّمٌ؟ أَوْ مَكْرُوهٌ؟ أَوْ تُرِكَ لِلْأَوْلَى؟ أَوْ مُسْتَحَبٌّ؟ أَوْ هُمَا سَوَاءٌ عَلَى خَمْسَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: قَوْلُ مَنْ يَقُولُ إنَّ الْإِتْمَامَ أَفْضَلُ. كَقَوْلِ لِلشَّافِعِيِّ. وَالثَّانِي: قَوْلُ مَنْ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا. كَبَعْضِ أَصْحَابِ مَالِكٍ. وَالثَّالِثُ: قَوْلُ مَنْ يَقُولُ الْقَصْرُ أَفْضَلُ: كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ الصَّحِيحِ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد. وَالرَّابِعُ: قَوْلُ مَنْ يَقُولُ الْإِتْمَامُ مَكْرُوهٌ كَقَوْلِ مَالِكٍ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَأَحْمَد فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى. وَالْخَامِسُ: قَوْلُ مَنْ يَقُولُ إنَّ الْقَصْرَ وَاجِبٌ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ فِي رِوَايَةٍ. وَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ قَوْلُ مَنْ يَقُولُ إنَّهُ سُنَّةٌ وَأَنَّ الْإِتْمَامَ مَكْرُوهٌ وَلِهَذَا لَا تَجِبُ نِيَّةُ الْقَصْرِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَد فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ عَنْهُ فِي مَذْهَبِهِ.