وَرُوِيَ عَنْ الْبُخَارِيِّ نَحْوُ ذَلِكَ فَقَالَ: فِي الْكُنَى مِنْ التَّارِيخِ وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ حَدَّثَنِي يُوسُفُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ سَمِعْت ابْنَ أكيمة الليثي يُحَدِّثُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: {صَلَّى لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةً جَهَرَ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ ثُمَّ قَالَ: هَلْ قَرَأَ مِنْكُمْ أَحَدٌ مَعِي؟ قُلْنَا: نَعَمْ قَالَ: إنِّي أَقُولُ مَا لِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ} قَالَ: فَانْتَهَى النَّاسُ عَنْ الْقِرَاءَةِ فِيمَا جَهَرَ الْإِمَامُ قَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ وَلَمْ يَقُلْ: فَانْتَهَى النَّاسُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ قَوْلُ ابْنِ أكيمة وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ. وَهَذَا إذَا كَانَ مِنْ كَلَامِ الزُّهْرِيِّ فَهُوَ مِنْ أَدَلِّ الدَّلَائِلِ عَلَى أَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَكُونُوا يَقْرَءُونَ فِي الْجَهْرِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ الزُّهْرِيَّ مِنْ أَعْلَمِ أَهْلِ زَمَانِهِ أَوْ أَعْلَمُ أَهْلِ زَمَانِهِ بِالسُّنَّةِ وَقِرَاءَةُ الصَّحَابَةِ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا كَانَتْ مَشْرُوعَةً وَاجِبَةً أَوْ مُسْتَحَبَّةً تَكُونُ مِنْ الْأَحْكَامِ الْعَامَّةِ الَّتِي يَعْرِفُهَا عَامَّةُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ فَيَكُونُ الزُّهْرِيُّ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِهَا فَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْهَا لَاسْتَدَلَّ بِذَلِكَ عَلَى انْتِفَائِهَا فَكَيْفَ إذَا قَطَعَ الزُّهْرِيُّ بِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَكُونُوا يَقْرَءُونَ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَهْرِ.
[فَإِنْ قِيلَ: قَالَ البيهقي: ابْنُ أكيمة رَجُلٌ مَجْهُولٌ لَمْ يُحَدِّثْ إلَّا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَحْدَهُ وَلَمْ يُحَدِّثْ عَنْهُ غَيْرُ الزُّهْرِيِّ.