مجموع الفتاوي (صفحة 11738)

جنس السجود أفضل من جنس القيام من وجوه متعددة

وَفِي الْآيَةِ الْأُخْرَى قَالَ: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} وَلَمْ يَقُلْ قُنُوتًا فَالْقِيَامُ ذَكَرَهُ بِلَفْظِ الْقِيَامِ لَا بِلَفْظِ الْقُنُوتِ. وَقَالَ تَعَالَى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} فَالْقَائِمُ قَدْ يَكُونُ قَانِتًا وَقَدْ لَا يَكُونُ وَكَذَلِكَ السَّاجِدُ. فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَّنَ أَنَّ طُولَ الْقُنُوتِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَهُوَ يَتَنَاوَلُ الْقُنُوتَ فِي حَالِ السُّجُودِ وَحَالِ الْقِيَامِ. وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَأَنَّ تَطْوِيلَ الصَّلَاةِ قِيَامًا وَرُكُوعًا وَسُجُودًا أَوْلَى مِنْ تَكْثِيرِهَا قِيَامًا وَرُكُوعًا وَسُجُودًا؛ لِأَنَّ طُولَ الْقُنُوتِ يَحْصُلُ بِتَطْوِيلِهَا لَا بِتَكْثِيرِهَا وَأَمَّا تَفْضِيلُ طُولِ الْقِيَامِ مَعَ تَخْفِيفِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ عَلَى تَكْثِيرِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَغَلَطٌ. فَإِنَّ جِنْسَ السُّجُودِ أَفْضَلُ مِنْ جِنْسِ الْقِيَامِ مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ السُّجُودَ بِنَفْسِهِ عِبَادَةٌ لَا يَصْلُحُ أَنْ يُفْعَلَ إلَّا عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَالْقِيَامُ لَا يَكُونُ عِبَادَةً إلَّا بِالنِّيَّةِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ يَقُومُ فِي أُمُورِ دُنْيَاهُ وَلَا يَنْهَى عَنْ ذَلِكَ. الثَّانِي: أَنَّ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ السُّجُودِ وَكَذَلِكَ كُلُّ صَلَاةٍ فِيهَا رُكُوعٌ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ سُجُودٍ لَا يَسْقُطُ السُّجُودُ فِيهَا بِحَالِ مِنْ الْأَحْوَالِ فَهُوَ عِمَادُ الصَّلَاةِ وَأَمَّا الْقِيَامُ فَيَسْقُطُ فِي التَّطَوُّعِ دَائِمًا وَفِي الصَّلَاةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ فِي السَّفَرِ وَكَذَلِكَ يَسْقُطُ الْقِيَامُ فِي الْفَرْضِ عَنْ الْمَرِيضِ وَكَذَلِكَ الْمَأْمُومُ إذَا صَلَّى إمَامُهُ جَالِسًا. كَمَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015