النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ فَقَدَ ضَادَّ اللَّهَ فِي أَمْرِهِ} ". وَهَذَا الَّذِي يَخَافُهُ - مِنْ قِيَامِ " الْعَدُوِّ " وَنَحْوِهِ فِي الْمَحْضَرِ الَّذِي قَدِمَ بِهِ مِنْ الشَّامِ إلَى ابْنِ مَخْلُوفٍ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالِاسْتِغَاثَةِ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ أَظْهَرُوهُ كَانَ وَبَالُهُ عَلَيْهِمْ وَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ مُشْرِكُونَ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ دِينِ الْمُسْلِمِينَ وَدِينِ النَّصَارَى. فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ مُتَّفِقُونَ عَلَى مَا عَلِمُوهُ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْبُدَ وَلَا يَدْعُوَ وَلَا يَسْتَغِيثَ وَلَا يَتَوَكَّلَ إلَّا عَلَى اللَّهِ، وَأَنَّ مَنْ عَبَدَ مَلَكًا مُقَرَّبًا أَوْ نَبِيًّا مُرْسَلًا أَوْ دَعَاهُ أَوْ اسْتَغَاثَ بِهِ فَهُوَ مُشْرِكٌ. فَلَا يَجُوزُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُ يَا جبرائيل أَوْ يَا ميكائيل أَوْ يَا إبْرَاهِيمُ أَوْ يَا مُوسَى أَوْ يَا رَسُولَ اللَّهِ اغْفِرْ لِي أَوْ ارْحَمْنِي أَوْ اُرْزُقْنِي أَوْ اُنْصُرْنِي أَوْ أَغِثْنِي أَوْ أَجِرْنِي مِنْ عَدُوِّي أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، بَلْ هَذَا كُلُّهُ مِنْ خَصَائِصِ الْإِلَهِيَّةِ. وَهَذِهِ مَسَائِلُ شَرِيفَةٌ مَعْرُوفَةٌ قَدْ بَيَّنَهَا الْعُلَمَاءُ وَذَكَرُوا الْفَرْقَ بَيْنَ حُقُوقِ اللَّهِ الَّتِي يَخْتَصُّ بِهَا [دُونَ] (?) الرُّسُلِ. وَالْحُقُوقِ الَّتِي لَهُ وَلِرُسُلِهِ، كَمَا يُمَيِّزُ سُبْحَانَهُ بَيْنَ ذَلِكَ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ: {وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} فَالتَّعْزِيرُ وَالتَّوْقِيرُ لِلرَّسُولِ، وَالتَّسْبِيحُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا لِلَّهِ.