مجموع الفتاوي (صفحة 1114)

ذكر أقوال علماء الطوائف ممن حكوا مذهب السلف في مسألتي العلو والاستواء

اسْتَوَى} إنَّ الِاسْتِوَاءَ مِنْ اللَّهِ عَلَى عَرْشِهِ الْمَجِيدِ عَلَى الْحَقِيقَةِ؛ لَا عَلَى الْمَجَازِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي " التَّمْهِيدِ " - شَرْحِ الْمُوَطَّأِ وَهُوَ أَشْرَفُ كِتَابٍ صُنِّفَ فِي فَنِّهِ - لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى حَدِيثِ النُّزُولِ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ لَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْحَدِيثِ فِي صِحَّتِهِ. وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ فِي السَّمَاءِ عَلَى الْعَرْشِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ كَمَا قَالَتْ الْجَمَاعَةُ وَهُوَ مِنْ حُجَّتِهِمْ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ فِي قَوْلِهِمْ إنَّهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ؛ وَلَيْسَ عَلَى الْعَرْشِ. قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا قَالَهُ: أَهْلُ الْحَقِّ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} وَقَالَ: {إلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} وَقَالَ {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إلَيْهِ} وَقَالَ {يَا عِيسَى إنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إلَيَّ} وَذَكَرَ آيَاتٍ. إلَى أَنْ قَالَ: وَهَذَا أَشْهَرُ عِنْدَ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ مِنْ أَنْ يَحْتَاجَ إلَى أَكْثَرَ مِنْ حِكَايَتِهِ لِأَنَّهُ اضْطِرَارٌ لَمْ يُوقِفْهُمْ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَلَا خَالَفَهُمْ فِيهِ مُسْلِمٌ. وَهَذَا مِثْلُ مَا ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الهمداني أَنَّهُ حَضَرَ مَجْلِسَ بَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ فَقَالَ: " كَانَ اللَّهُ وَلَا عَرْشَ " فَقَالَ: يَا أُسْتَاذُ دَعْنَا مِنْ ذِكْرِ الْعَرْشِ. أَخْبِرْنَا عَنْ هَذِهِ الضَّرُورَاتِ الَّتِي نَجِدْهَا فِي قُلُوبِنَا مَا قَالَ عَارِفٌ قَطُّ يَا اللَّهُ إلَّا وَجَدَ فِي قَلْبِهِ ضَرُورَةً تَطْلُبُ الْعُلُوَّ لَا تَلْتَفِتُ يَمْنَةً وَلَا يَسْرَةً. فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى رَأْسِهِ وَقَالَ: حَيَّرَنِي الهمداني، حَيَّرَنِي الهمداني: أَرَادَ الشَّيْخُ أَنَّ إقْرَارَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015