مَنْ كَانَ كَافِرًا صِحَّةَ الْإِسْلَامِ. فَإِنَّا نُقِرُّهُ عَلَى مَا مَضَى مِنْ عَقْدِ النِّكَاحِ، وَمِنْ الْمَقْبُوضِ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ، إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُفْسِدُ قَائِمًا. كَمَا يُقَرُّ الْكُفَّارُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ عَلَى مُنَاكَحَتِهِمْ الَّتِي كَانَتْ مُحَرَّمَةً فِي الْإِسْلَامِ وَأَوْلَى. فَإِنَّ فِعْلَ الْوَاجِبَاتِ وَتَرْكَ الْمُحَرَّمَاتِ بَابٌ وَاحِدٌ. كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْكَافِرِ. وَهَذَا بَيِّنٌ؛ فَإِنَّ الْعَفْوَ وَالْإِقْرَارَ لِلْمُسْلِمِ الْمُتَأَوِّلِ بَعْدَ الرُّجُوعِ عَنْ تَأْوِيلِهِ أَوْلَى مِنْ الْعَفْوِ وَالْإِقْرَارِ عَنْ الْكَافِرِ الْمُتَأَوِّلِ، لَكِنْ فِي هَذَا خِلَافٌ فِي الْمَذْهَبِ وَغَيْرِهِ. وَشُبْهَةُ الْخَالِفِ نَظَرُهُ إلَى أَنَّ هَذَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي الْفَسَادَ وَجَعَلَ الْمُسْلِمِينَ جِنْسًا وَاحِدًا، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْمُتَأَوِّلِ وَغَيْرِهِ. وَنَظِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: مَا أَتْلَفَهُ أَهْلُ الْبَغْيِ الْمُتَأَوِّلُونَ عَلَى أَهْلِ الْعَدْلِ مِنْ النُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ، هَلْ يَضْمَنُونَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. إحْدَاهُمَا: يَضْمَنُونَهُ، جَعَلَا لَهُمْ كَالْمُحَارِبِينَ، وَكَقِتَالِ الْعَصَبِيَّةِ الَّذِي لَا تَأْوِيلَ فِيهِ، وَهَذَا نَظِيرُ مَنْ يَجْعَلُ الْعُقُودَ والقبوض الْمُتَأَوَّلَ فِيهَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَا تَأْوِيلَ فِيهِ. والثانية: لَا يَضْمَنُونَهُ، وَعَلَى هَذَا اتَّفَقَ السَّلَفُ كَمَا قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَقَعَتْ الْفِتْنَةُ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَافِرُونَ، فَأَجْمَعُوا