مجموع الفتاوي (صفحة 10848)

فصل: في الأقوال في التيمم وقيامه مقام الوضوء

كَقَوْلِهِ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} الْآيَةَ. وَهُوَ وَقْتُ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ. وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} . وَالدُّلُوكُ هُوَ الزَّوَالُ وَغَسَقُ اللَّيْلِ هُوَ اجْتِمَاعُ ظُلْمَةِ اللَّيْلِ وَهَذَا يَكُونُ بَعْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ. فَأَمَرَ اللَّهُ بِالصَّلَاةِ مِنْ الدُّلُوكِ إلَى الْغَسَقِ فَرَضَ فِي ذَلِكَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ هَذَا كُلَّهُ وَقْتُ الصَّلَاةِ فَمِنْ الدُّلُوكِ إلَى الْمَغْرِبِ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَمِنْ الْمَغْرِبِ إلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقْتُ الصَّلَاةِ. وَقَالَ: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} لِأَنَّ الْفَجْرَ خُصَّتْ بِطُولِ الْقِرَاءَةِ فِيهَا وَلِهَذَا جُعِلَتْ رَكْعَتَيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ فَلَا تُقْصَرُ وَلَا تُجْمَعُ إلَى غَيْرِهَا فَإِنَّهُ عَوَّضَ بِطُولِ الْقِرَاءَةِ فِيهَا عَنْ كَثْرَةِ الْعَدَدِ.

فَصْلٌ:

وَأَمَّا التَّيَمُّمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَلِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ وَلَا يُصَلِّي الْفَرْضَ بِالتَّيَمُّمِ لِلنَّافِلَةِ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةٌ ضَرُورِيَّةٌ وَالْحُكْمُ الْمُقَدَّرُ بِالضَّرُورَةِ مُقَدَّرٌ بِقَدْرِهَا. فَلَا يَتَيَمَّمُ قَبْلَ الْوَقْتِ وَلَا يَبْقَى بَعْدَهُ. وَهُوَ مُبِيحٌ لِلصَّلَاةِ لَا رَافِعٌ لِلْحَدَثِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَدَرَ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ اسْتَعْمَلَهُ مِنْ غَيْرِ تَجَدُّدِ حَدَثٍ فَعُلِمَ أَنَّ الْحَدَثَ كَانَ بَاقِيًا وَإِنَّمَا أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015