مجموع الفتاوي (صفحة 10362)

فصل: فيمن قال: الكتابة على خلاف القياس

فِي الذِّمَّةِ حَلَالٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ فَإِبَاحَةُ هَذَا عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ لَا عَلَى خِلَافِهِ.

فَصْلٌ:

وَأَمَّا الْكِتَابَةُ فَقَالَ مَنْ قَالَ: هِيَ خِلَافُ الْقِيَاسِ؛ لِكَوْنِهِ بَيْعَ مَالِهِ بِمَالِهِ. وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ بَاعَهُ نَفْسَهُ بِمَالِ فِي الذِّمَّةِ وَالسَّيِّدُ لَا حَقَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ وَإِنَّمَا حَقُّهُ فِي بَدَنِهِ فَإِنَّ السَّيِّدَ حَقُّهُ مَالِيَّةُ الْعَبْدِ فِي إنْسَانِيَّتِهِ فَهُوَ مِنْ حَيْثُ يُؤْمَرُ وَيُنْهَى إنْسَانٌ مُكَلَّفٌ فَيَلْزَمُهُ الْإِيمَانُ وَالصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ لِأَنَّهُ إنْسَانٌ وَالذِّمَّةُ الْعَهْدُ وَإِنَّمَا يُطَالَبُ الْعَبْدُ بِمَا فِي ذِمَّتِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ وَحِينَئِذٍ لَا مِلْكَ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهِ فَالْكِتَابَةُ: بَيْعُهُ نَفْسَهُ بِمَالِ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ إذَا اشْتَرَى نَفْسَهُ كَانَ كَسْبُهُ لَهُ وَنَفْعُهُ لَهُ وَهُوَ حَادِثٌ عَلَى مِلْكِهِ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ بِعَقْدِ الْكِتَابَةِ لَكِنْ لَا يُعْتَقُ فِيهَا إلَّا بِالْإِذْنِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَمْ يَرْضَ بِخُرُوجِهِ مِنْ مِلْكِهِ إلَّا بِأَنْ يُسَلِّمَ لَهُ الْعِوَضَ فَمَتَى لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الْعِوَضُ وَعَجَزَ الْعَبْدُ عَنْهُ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي الْمَبِيعِ وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ. وَلِهَذَا يَقُولُ: إذَا عَجَزَ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ لِإِفْلَاسِهِ كَانَ لِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ فِي الْمَبِيع فَالْعَبْدُ الْمُكَاتَبُ مُشْتَرٍ لِنَفْسِهِ فَعَجْزُهُ عَنْ أَدَاءِ الْعِوَضِ كَعَجْزِ الْمُشْتَرِي وَهَذَا الْقِيَاسُ فِي جَمِيعِ الْمُعَاوَضَاتِ إذَا عَجَزَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015