الإيمان بالملائكة إجمالاً وتفصيلاً بحسب ما جاء في النصوص، فيجب على كل مسلم أن يؤمن إيماناً جازماً بأن هناك خلقاً من مخلوقات الله، اسمها الملائكة على جهة الإجمال، ثم ما ورد من اسم ملك أو وصفه أو عمله أو جنسه أو نوعه يجب أن نؤمن به، فما ورد في القرآن أو السنة فلا بد من الإيمان به في حق الملائكة جملة وتفصيلاً وفي أخبارهم وأحوالهم كله يجب الإيمان به.
فالملائكة خلق من خلق الله، لهم وجود حقيقي وهم عقلاء، عباد لله عز وجل مسخرون، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، لكنهم غير مبتلين بالابتلاء الذي يبتلى به الجن والإنس، فهم خُلقوا للطاعة، ولذلك كانوا كراماً.
وما صح به الدليل لا بد من الإيمان به من أسمائهم، فممن وردت لنا أسماؤهم مثلاً: جبريل وهو ملك الوحي، وميكائيل وإسرافيل ومالك ورضوان وهاروت وماروت، وأيضاً ورد أن لهم أعمالاً مجملة وأعمالاً خاصة، فمنهم: حملة العرش، وهم من أعظم الملائكة خلقاً وعملاً، ومنهم ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، وملائكة الوحي والمطر ومنهم الكرام الكاتبين الذين يصاحبون كل إنسان ويتعاقبونه، فكل إنسان موكل به أربعة ملائكة إلى أن يموت، اثنان في المساء واثنان في الصباح، وكذلك لهم أوصاف تعمهم وأوصاف تخصهم فهم ذوا أجنحة مثنى وثلاث ورباع وأكثر من ذلك، ولهم مشاركات للمؤمنين يشاركونهم في الجهاد، ويشاركونهم بحضور مجالس الذكر، وهم يحبون المؤمنين ويسددونهم بإذن الله، ويحفظونهم بأمر الله، وهؤلاء الملائكة لهم حقوق يجب أن يراعيها المسلم، ومن ذلك ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن أكل ما يؤذي الملائكة خاصة في المساجد كالثوم والبصل والكراث، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى به بنو آدم، فهذه الحقوق والرعاية، يجب دائماً أن يستحضرها المسلم، كما يستحضر أيضاً رقابة الله له، وليعلم أن الله رقيب عليه، وهذا معنى الإحسان الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل، وهو: (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)، ومن حكمة الله عز وجل أن جعل معنا من المخلوقات رقباء من أهل الفضل والكرم لهم حق وهم في منتهى العبادة والخضوع والذل والعبودية لله تعالى، فيجب أن يستحي منهم الإنسان، ولذلك ورد في وصف عثمان رضي الله عنه أنه تستحيي منه الملائكة؛ لأنه حيي، فتبادلت معه الملائكة هذا الشعور، وكذلك يجب على كل مسلم أن يراعي حضور هؤلاء الكرام.