قال المؤلف حفظه الله تعالى: [القاعدة الحادية عشرة: يجب الالتزام بمنهج الوحي في الرد كما يجب في الاعتقاد والتقرير، فلا ترد البدعة ببدعة ولا يقابل التفريط بالغلو ولا العكس].
يجب الالتزام بمنهج الوحي في التأصيل، وهو التزام الدليل ومصادر الكتاب والسنة في التزام المنهج الذي ذكرته في الجدال والمراء والمجادلة بالحسنى، وكذلك كما يجب هذا في التأصيل والعلم والفقه في الدين كذلك يجب في الرد؛ لأن بعض الناس عند التقرير والبيان يأخذ بأدب الشرع، لكن عندما يرد يخرج من سمته وتصدر منه ردود الأفعال، وقد يعالج الغلو بتفريط، فإذا رأى الناس تشددوا أو غلوا تساهل في الدين وميع الدين كما يفعل كثير من المفتونين الآن عبر كثير من الوسائل، لما رأوا بعض طوائف الأمة نزعت إلى الغلو والعنف ذهبوا إلى الطرف الآخر المعاكس فميعوا الدين، وأضاعوا معالمه بدعوى الرد على الغلو، فهذا خطأ في الرد، إذا أردت أن ترد على الغلاة فرد عليهم بمنهج الاعتدال، وكذلك العكس هناك من يعالج مظاهر التميع في الدين ومظاهر التساهل بالغلو الذي نتج عنه التكفير والتفجير، زعماً منهم أن هذا هو الرد الحقيقي الذي نرد به الباطل، وهذا كله خروج عن منهج الإسلام الذي هو منهج الاعتدال.
وكلا الفريقين الذين شطحوا في الرد أساء إلى الإسلام، فتشوهت مفاهيم الأمم تجاه الإسلام اليوم، وتشوهت مفاهيم كثير من المسلمين وعامة المسلمين وناشئتهم تجاه اعتدال الدين وأفقيته؛ لأنهم يرون المنهج الخاطئ في الرد، فلا ترد البدعة ببدعة، ولا يقابل التفريط بالغلو ولا يرد الإفراط بالجفاء، فالذين يردون البدع التي أحدثها الناس في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم قد يكون عند بعضهم شيء من الجفاء في حق النبي صلى الله عليه وسلم، فهؤلاء وقعوا في خطأ شنيع، والأنموذج في مثل هذا أن يكون المسلم معتدلاً في محبته لله عز وجل ومحبته للرسول صلى الله عليه وسلم ومحبته للخير، وألا يرد بدع الناس التي ابتدعوها في الدين ببدع مقابلة أو بنحوها، ولا يقابل التفريط بالغلو ولا العكس.