Q ما حكم من قدم العقل على النص؟
صلى الله عليه وسلم مسألة تقديم العقل على النص هذه نزعة فلسفية أصلها ناشئة من خصوم الأنبياء حتى قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، فتجدهم يعترضون على النبوة وعلى الوحي وعلى مقررات الدين بالعقول، مع أن العقول لها مدارك محددة، وإذا خرجت عن مداركها المحددة وقعت في الزيغ، والعقول إذا أقحمناها في تفاصيل الغيب، وفي دين الله عز وجل، وفي أمره ونهيه وفي عالم الآخرة، فإنها تقع في الخبط والخلط والتخرصات، فمنشأ تقديس العقول وإقحامها في الدين ناتج عن الخراصين الذين قال الله عز وجل فيهم: {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ} [الذاريات:10 - 11]، فتقديم العقل على النص ناتج عن الغرور والكبرياء من خصوم الأنبياء.
ثم دخلت هذه النزعة على بعض الفرق الإسلامية بشبهة، حيث زعموا أن العقل مادام خوطب، إذاً: من الذي يقرر؟ والعقل مادام أنه هو الذي عول عليه الشرع في أمور كثيرة، وهو الذي يميز بين الحق والباطل في الجملة، ويميز بين الضار والنافع، إذاً: هو الذي يقرر الدين، وهذا فيه قلب للحقائق، مع أن العقل له احترامه ومكانته، لكن الدين دين الله، والذي يقرره هو الرب عز وجل والمعصوم صلى الله عليه وسلم، فالله هو الذي يقرر الدين ويبقى العقل وظيفته أن يصدق بالحق وأن يؤيده وأن يجتهد فيما كلفه به الشرع، فعلى هذا يستحيل عقلاً أن يقدم العقل على الشرع، ولو كان للعقل لسان لقال لأولئك الذين أقحموه في الدين: قد أحرجتموني أمام ربي عز وجل، كيف توقعوني في أمر الله عز وجل هو الذي تكفل به وهو الحكيم الخبير، وهو العالم وأنا العقل ناقص محدود الطاقة محدود القدرات يعتريني الهوى والضعف والخطأ والنسيان بل والفناء، إذاً: كيف يقال: العقل يقدم على الشرع؟!