إخراج العمل عن الإيمان وإدخال ما ليس منه فيه

قال المؤلف حفظه الله تعالى: [ثانياً: من أخرج العمل عن الإيمان فهو مرجئ، ومن أدخل فيه ما ليس منه فهو مبتدع].

هذه قاعدة فرعية تابعة للقاعدة الأولى، فإذا عرفنا أن الإيمان قول وعمل، وأن الإيمان يشمل الأمور القلبية والاعتقادية والمعرفية وغيرها، كما يشمل الأعمال الظاهرة، فإن من ادعى أن العمل لا يدخل في الإيمان كما قالت المرجئة وهم أصناف، منهم: المرجئة الغلاة الذين أعرضوا عن شرع الله عز وجل واستهانوا به، وزعموا أن مجرد المعرفة تكفي، وهذه فلسفة قد تصل بالإنسان إلى الخروج من الدين، إذا أعرض عن الدين بالكلية بدعوى أنه يكفيه المعرفة.

والصنف الثاني قد لا يخرج من مقتضى الدين لكنه خرج عن السنة، وهم الذين ادعوا أن الأعمال لا تدخل في مسمى الإيمان، فكل من ادعى أن الأعمال ليست من الإيمان فهو مرجئ.

والمرجئ هو: من يعتقد أن الأعمال لا تدخل في الإيمان، وسمي مرجئاً؛ لأنه أخر الأعمال عن الإيمان، وهذا تسميه العرب في لغتها إرجاء؛ لأنهم جعلوا الأعمال متأخرة، وهذا هو الأصل في التسمية، أنهم أرجئوا الأعمال وأخروها وأبعدوها عن الإيمان وفصلوها عن حقيقته.

إذاً: كل من أخرج الأعمال المطلوبة شرعاً من الإيمان وقال: إنها ليست من الإيمان فهو مرجئ، وكذلك العكس: من أدخل في الإيمان ما ليس منه فهو مبتدع.

وهذا ينطبق على البدع التي أحدثها الناس وزعموا أنها من الدين، وزعموا أنها من الإيمان، فهذه لا تدخل في الإيمان، فكل ما أحدث باسم الدين من المحدثات فهو لا يدخل في مسمى الإيمان، وإن قصد به فاعله زيادة الإيمان.

مثال ذلك: الاحتفالات البدعية التي يتدين بها الناس، ويقصدون بها أموراً إيمانية: محبة الرسول صلى الله عليه وسلم، أو محبة الصالحين، أو محبة الأولياء، ولا شك أن هذا من أعظم الإيمان؛ لكن نظراً لأن هذا غير مشروع فإدخالهم هذا العمل في مسمى الدين والإيمان خطأ بل هو بدعة.

فمن أدخل في الدين أو في الإيمان ما ليس منه فهو مبتدع؛ لأنه شرع ما لم يشرعه الله عز وجل، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) و (أمره) أي: أمر النبي صلى الله عليه وسلم وهو هذا الدين الذي يشمله مسمى الإيمان، (ومن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) وهو أمر النبي صلى الله عليه وسلم، الذي هو هذا الدين الذي تمثل فيه الإيمان، كل من عمل عملاً ليس مشروعاً فلا يدخل عمله في مسمى الإيمان، فهو مردود، ثم تاج ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (كل محدثة في الدين بدعة، وكل بدعة ضلالة).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015