ينفرد عنه "بغير ابن البابا، والتقي السبكي، وابن شاهد الجيش" (?).

كما أن الهيثمي لم ينفرد عنه -عن شيخه العراقي- بغير صحيح مسلم عن ابن عبد الهادي (?).

لقد شارك الهيثمي شيخه جميع شيوخه: بمصر، والقاهرة، والحرمين، وبيت المقدس، ودمشق، وحلب، وحماة، وحمص، وطرابلس، وغيرها، وصحبه في رحلاته، وحجاته، لأنه احتل من نفسه المكانة التي عجز غيره عن احتلالها، فـ "لم يكن الزين يعتمد في شيء من أموره إلا عليه" (?).

لقد اصطفاه من دون طلابه -وفيهم ابن حجر وغيره- وخصه بصحبته، زوجه ابنته، ولم يأمن أحدًا كما أمنه، فكان لا يطمئن إلى أحد اطمئنانه إليه، ولا يثق بأحد ثقته به.

وقد بادله الهيثمي حباً بحب، واخلص له إخلاصاً كان مضرب المثل، إلى جانب الوفاء والتضحية والاحتواء.

لقد وجد فيه -في العراقي- الأنموذج الإنساني الذي يتطلع إليه، والمثل الأعلى الذي يقتدي به فكراً، وثقافة، وأخلاقاً، وسلوكاً، فكان له الأخ الصادق، والابن البار، والصديق الصدوق، والصاحب الوفي، والتلميذ المطيع، والخادم الأمين الذي "لا يخاطبه إلا بسيدي حتى كان في أمر خدمته كالعبد" (?).

وقام بخدمته قياماً لا يصبر عليه غيره، فإن الحافظ ابن حجر وهو تلميذ للعراقي والهيثمي قال: "رأيت في خدمته لشيخنا وتأدبه معه، من غير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015