ولمّا بلغ ابن الفوطيّ السنة الرابعة عشرة من عمره أي سنة 656 هـ، دخل المغول بغداد فاتحين، بقيادة طاغيتهم الجبّار هولاكو؛ فقتّلوا أهلها تقتيلا، ونكلوا بهم تنكيلا، وسلبوا ونهبوا وعذّبوا وفعلوا الأفاعيل. وكان من القتلى الخليفة الشهيد المستعصم بالله وابناه الأكبر والأوسط أحمد وعبد الرّحمن؛ وأسروا الشبّان والصبيان واسترقّوهم وسخّروهم، فكان عبد الرزّاق بن الفوطيّ وأخوه عبد الوهاب في جملة أسرى المغول من بغداد، جرى عليهما الاسترقاق، وتعذّر على أخيه الإباق، فقد بقي حتى سنة 659 هـ أسيرا مستعبدا، وذكر عبد الرزّاق في كتابه «تلخيص مجمع الآداب في معجم الألقاب» هذا أنّه هو نفسه كان أسيرا أيضا سنة 657 هـ، فقد قال في ترجمة قطب الدين عبد القادر (?) بن حمزة الأهريّ الحكيم الصوفي: «رأيته سنة سبع وخمسين [وستمائة]، وكنت أسيرا، فدعا لي وأنفذني الى كليبر، الى صاحبه شمس الدين حبش الفخّار، فأقمت تحت كنفهم مديدة»، وبقي أسيرا حتى سنة 659 هـ، فقد هرب فيها من الكفّار وتحرّر.
ولم نجد في هذا الخبر تفصيل كيفيّة كونه أسيرا، ولا وجدنا السبب في استطاعة الشيخ قطب الدين الأهري إنفاذه الى قرية كليبر، كما لم نعرف حقيقة أسر المغول له، فنعلم مقدار تصرّفه في المعيشة أسيرا، غير أنّه افتدى أخاه بدر الدين عبد الوهاب المقدّم ذكره، ودفع في فدائه مائة دينار (?)، وهي قسط من أقساط الفدية صغير أو كبير. قال في ترجمة كمال الدين أبي الفضل محمّد بن أبي الفضائل النخجواني الطبيب المتصوّف: «كان حكيما فاضلا، له معرفة بالتدبير (?)