ومن العلماء القدامى الذين رجحوا جواز العزل الأئمة ابن تيمية، وابن القيم، والشوكاني، أما الإمام ابن تيمية فقد جاء عنه في كتاب (مختصر الفتاوى) ص (426) : (وأما العزل فقد حرمه طائفة لكن الأئمة الأربعة على جوازه بإذن المرأة) ، وأما الإمام ابن القيم، فقد رجح في كتابه زاد المعاد ج/4 ص 16 الرأي القائل بإباحة العزل، فبعد أن ذكر طائفة من الأحاديث المصرحة بجوازه فقال: (فهذه الأحاديث صريحة في جواز العزل) .
وأما الإمام الشوكاني فقد قال في كتابه نيل الأوطار: (ولا خلاف بين العلماء في جواز العزل، بشرط أن توافق الزوجة الحرة على ذلك، لأنها شريكة في المعاشرة الزوجية) .
وأما الفقهاء المحدثون فمنهم فضيلة الشيخ السيد سابق، فقد قال في كتابه المشهور فقه السنة ج 7 ص 145، تحت عنوان: (العزل وتنظيم النسل) : (تقدم أن الإسلام يرغب في كثرة النسل، إذ أن ذلك مظهر من مظاهر القوة والمنعة بالنسبة للأمم والشعوب إلا أن الإسلام مع ذلك لا يمنع في الظروف الخاصة من تنظيم النسل، باتخاذ دواء يمنع من الحمل أو بأي وسيلة أخرى من وسائل الحمل فيباح التنظيم في حالة ما إذا كان الرجل معيلًا – أي كثير العيال – ولا يستطيع القيام على تربية أبنائه التربية الصحيحة وكذلك إذا كانت المرأة ضعيفة، أو كانت موصولة الحمل، أو كان الرجل فقيرًا، أو كان هناك مرض معد في الزوجين أو في أحدهما.
ففي مثل هذه الحالات يباح تنظيم النسل، بل إن بعض العلماء يرى أن التحديد في هذه الحالات لا يكون مباحًا فقط بل مندوبًا إليه ... ) .
ولقد جاء في مجلة الحج العدد 16 لسنة 1384 فتوى لفضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز حول هذا الموضوع قال فيها: (العزل هو إراقة المني خارج الفرج، لئلا تحمل المرأة وهذا إنما يفعله الإنسان عند الحاجة إليه، مثل كون المرأة مريضة فيخشى أن يضرها الحمل أو يضر طفلها، فيعزل لهذا الغرض أو نحوه من الأغراض المعقولة الشرعية إلى وقت ما، ثم يترك ذلك وليس في هذا قطع للحمل ولا تحديد للنسل، وإنما فيه تعاطي بعض الأسباب المؤخرة للحمل لغرض شرعي وهذا لا محظور فيه في أصح الأقوال – عند العلماء كما دلت عليه أحاديث العزل) (?) .
وبذلك نرى أن تنظيم الأسرة أجازه الفقهاء القدامى والمحدثون متى كان هناك داع إليه.