موضوع: تحديد النسل وتنظيمه

حول تنظيم النسل وتحديده إعداد الدكتور حسان حتحوت

حول تنظيم النسل وتحديده

إعداد

الدكتور حسان حتحوت

المركز الإسلامي لجنوب كاليفورنيا

بسم الله الرحمن الرحيم

ما نحسب موضوعا حظي من بحوث الفقهاء وآرائهم منفردين أو مؤتمرين في العقود الثلاثة الأخيرة كموضوع تحديد النسل أو تنظيمه أو غير ذلك من مسميات تصف نفس الموصوف. فإن قلنا قتل بحثا لم نجاف الحقيقة، وإنما حفزنا ذلك على أن نحاذر فلا نجتر ما أصبح بالتكرار معروفا، وإشفاقا على مؤتمراتنا الفقهية أن تختزل إلى إعادة بلا إفادة وهو إشفاق دلت التجربة أنه في موضعه، ولئن قضت الضرورة أن نوجز في أسطر ما استقر عليه الرأي أو كاد في هذا الموضوع، لقد انعقدت نيتنا أن يكون إسهامنا فكرا حول الموضوع لا فيه، وبيانا لمصادره ومراميه، فإن هذا الموضوع كان ولا يزال حمال أوجه، ولما كان الحكم على الشيء فرعا من تصوره، فقد رأيت أن أزيد الصورة وضوحا واكتمالا، والعاجز من نظر من ثقب المفتاح ثم حسب أنه رأى، والعاقل من استوفى خريطة عريضة ذات تضاريس تعينه على تلمس طريقه في هذا الأمر الذي اختلطت مسالكه وانداحت آثاره، حتى لأحسب أن قرننا الحاضر لن يدخل سجل التاريخ بوصفه قرن الذرة والحاسوب ولكن بوصفه قرن التحكم في خصوبة الإنسان.

أما الدائرة الداخلية أو المركزية في هذا الموضوع فما اتجهت إليه غالبية فقهاء العصر من أن منع الحمل في ذاته ليس حراما شرعا وإن كان للقلة رأي آخر، ولكل من الرأيين حجته وأسانيده، واستندت الغالبية إلى روايات عن الصحابة بأنهم كانوا يمارسون العزل بعلم الرسول فلم يحرمه، وبأن الغزالي أجازه على مدى واسع من المبيحات الطبية أو الاجتماعية أو الشخصية، ولن نستطرد في سرد كل ما تحويه مكتبة بدائية أو أوردته مؤتمرات سابقة، وإنما قيدت الإباحة بشروط شرعية معروفة، فليس من الجائز تعطيل المقصدين الشرعيين للزواج في الإسلام، وهما الجنس والإنجاب أحدهما أو كليهما، في حال القدرة عليهما، وليس من الجائز انفراد الزوج بقرار منع الحمل، فلا بد أن يكون ذلك بإذن الزوجة لأن الأمر شركة بينهما، ومن الواجب أن تكون وسيلة منع الحمل خالية من المضار الصحية وغيرها، ولا يجوز أن تكون وسيلة منع الحمل مهدرة لحياة تكونت ولو في أدوارها الأولى، أو أن تنطوي على مصادرة نهائية لوظيفة الإنجاب إلا تحت الظروف الاستثنائية التي تبيحها الشريعة، وقد نعرض ذلك فيما بعد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015