ولقد تمكنا – بحمد الله وعونه – إلى جانب ذلك من إعداد ومراجعة وطبع العدد الرابع من مجلة مجمعكم الموقر، ولا يفوتني في هذا الصدد أن أنوه بما لقيناه من الأستاذ النابغ المربي الداعية الإسلامي معالي الدكتور محمد أحمد الشريف من عناية ودعم وبما منحته جمعية الدعوة الإسلامية العالمية بطرابلس للمجمع من مساعدة سخية يسرت علينا إخراج هذا العدد بأجزائه الثلاثة في أجمل صورة وأبهى حلة.
ويسرني أن أحيط حضراتكم علما بالقرار45/17س لمؤتمر وزراء الخارجية السابع عشر المنعقد بعمان الأردن بإحالة مشروع النظام الأساسي للجنة الإسلامية الدولية للقانون على مجمعكم الموقر لتبحثوا إمكانية اضطلاع مؤسستكم العلمية الفقهية بالمهام المتوخاة من تلك اللجنة، وفي هذا مظهر من مظاهر الاعتداد بالمجمع وبرسالته الشريفة يظهر – بحمد الله – من الدول الإسلامية ومن المسؤولين في كل بلد كما نلمسه من عامة المؤمنين في الأقطار الإسلامية وخارجها. فكم تلقينا من رسائل وعرضت علينا من قضايا وطلب من فتاوى ومنشورات مجمعية مما يدل على التطلع الكبير إلى نشاطات المجمع تعرفا عليها ومتابعة لها، وقد حمل ذلك السري الماجد معالي الشيخ حسن عباس شربتلي – حفظه الله – على دعم أنشطة المجمع بصلة سنية أراد بها مساندته في الاضطلاع بدوره الديني العلمي.
وإني حين أذكر بالمهمة الأولى لمؤسستكم الجليلة التي تتمثل في فتوى الناس في دينهم وتعريفهم بأحكام الله فيما يجري بينهم، وإسعافهم بالحلول الشرعية الناجعة لما يواجهونه في حياتهم اليومية من مشاكل على صعيد الأفراد والمجتمعات دولا وشعوبا، لا يفوتني أن أنوه بجهود هذه العصابة الكريمة والصفوة الخيرة من علماء الشريعة وفقهاء الأمة ممثلين في أعضاء المجلس وخبراء المجمع، فإن في متابعتكم لدرس ما يعرض عليكم من قضايا في مختلف المجالات العقدية والسياسية والعلمية والاجتماعية والاقتصادية بردها إلى ما وضعه الإسلام من أصول، وضبطه الأئمة من قواعد، وفي مواكبتكم للتحفز العام وللحركة النشيطة التي يشهدها العالم الإسلامي من أجل نهوضه واسترجاع مكانته بين الأمم ما يحمل على الابتهاج والفخر، وإن هذه المواكبة الحازمة وذلك التوجيه السليم لا يتمان إلا بمضاعفة الجهود وبذل الوسع في الأعمال العلمية المجمعية الكبيرة التي لا تنقطع، والتي تحتاج إلى أجيال وأجيال تبني كما بنى الأوائل، فترد الحاضر على الماضي، وتشق السبيل الأقوم لبناء المستقبل الإسلامي، وإن ما تقومون به أيها السادة باستمرار الضمان لتحقيق الغد المشرف المشرق لبلادنا الإسلامية قاطبة.
وفي ختام هذه الكلمة أريد أن أزجي الشكر الفائق والامتنان العميق مجددا لراعي دورتنا الخامسة سمو الأمير الجليل الشيخ جابر الأحمد الصباح أمير دولة الكويت – حفظه الله - ولحكومته الرشيدة على ما وجدناه من عناية غامرة، ولا أنسى ما قام به ويقوم به معالي الوزير الفقيه الأديب العالم الجليل خالد أحمد الجسار الذي يرجع إليه الفضل ولأعضاده في وزارة الأوقاف من علماء وإداريين في الإعداد الرائع الدقيق لهذه الدورة، وما وجدناه لديهم كافة من بالغ الحفاوة بإخوانهم العلماء الذين أسرعوا من كل صوب فرحين مستجيبين للدعوة الأميرية الكريمة.
والأمانة العامة لمجمع الفقه الإسلامي الدولي الناطقة باسم المجمع لا يمكن أن تنسى في هذه المناسبة ما قدمه إليها معالي الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي الأستاذ سيد شريف الدين بيرزاده في كل مراحل نشاطاتها من عظيم التأييد وكريم الدعم.
ولا ما اضطلع به مكتب المجمع من أمانة المراقبة، والدرس للمشاريع، والإعداد لخطة السير، بكامل الموضوعية والتجرد، والحرص على أن يجعل من هذه المؤسسة مفخرة للدول الإسلامية تباهي بها، وتجني من ورائها جليل الخدمات للأمة الإسلامية دولا وأوطانا وشعوبا.
وكذلك ما تميز به رئيس مجلسنا العلامة النابغ الدكتور الشيخ بكر بن عبد الله أبي زيد من حكمة وأناة، وحسن رأي، وعميق نظر، وقدرة فائقة على تدبير شئون المجلس وإدارته، وهو لا ينفك طوال السنة عن متابعة سير المجمع، لا يبخل بالتوجيه والمساعدة واتخاذ ما يلزم من التدابير للسير بمؤسستنا قدما.
فإلى هؤلاء وأولئك جزيل الشكر والتقدير، وإليكم جميعا حسن الثناء وخالص الدعاء، فلحفظ شريعتكم وإحياء فقهكم ما بذلتم، وفي سبيل الله ما فعلتم وتفعلون {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المزمل: 20] . وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.