كلمة

معالي الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

رئيس مجلس المجمع

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله الذي هدانا فجعلنا مسلمين، والحمد لله إن الحكم إلا لله أمر أن لا تعبدوا إلا إياه، إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين، والحمد لله إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته، ولا في ألوهيته، ولا في أسمائه وصفاته، ولا في حكمه سبحانه وتعالى، وأشهد أن محمدا عبده المجتبى ونبيه المصطفى، اللهم صل وسلم عليه كلما ذكره الذاكرون، وغفل عن ذكره الغافلون، ورضي الله عن الصحابة والآل وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فقد دأب شداة الصلاح بهذه الأمة على أن ينطلقوا في إصلاحهم بما يفيض على ألسنتهم وما ترقمه أقلامهم من القواعد العامة والكليات الجامعة والأصول والضوابط الشاملة التي تستلهم الفروع والجزئيات، وتستوعب النوازل والأقضيات والواقعات، وإن أهل الإسلام في غمرة اليقظة الإسلامية التي تتهلل لها الوجوه، يعايشون ظواهر مهمة في يقظة المسلمين وأهمها ظاهرتان: إحداهما تعني العلم والعمل به، تعني البصيرة والتبصر في دين الله وفي أحكام أفعال العباد اعتقادا وقولا وعملا، تأسيسا على كلمة التوحيد "لا إله إلا الله"، هذه الكلمة أسست عليها الملة ونصبت القبلة، ومن أجلها جردت سيوف الجهاد، ومن أجلها خلقت الجنة والنار، وهي أول الأمر وآخره، وهي البداية كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في أواخر بعثته: ((قولوا لا إله إلا الله تفلحوا)) وهي النهاية كما أرشد النبي صلى الله عليه وسلم في قوله ((لقنوا موتاكم: لا إله إلا الله)) .

وإن في هذا إرشادا عظيما إلى أن حياة المسلم مبنية على تحقيق كلمة التوحيد، وهذه الكلمة العظيمة هي أول مأمور به في كتاب الله تعالى كما في فواتح سورة البقرة {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 21] ويضادها أول ما نهى الله عنه كما قال بعد ذلك {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 22] .

وهذه الكلمة العظيمة هي أول ما فتح الله به كتابه في سورة الفاتحة مشيرا إلى أنواع توحيده في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، ونحو ذلك {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس: 1] اختتم الله بها كتابه. وفي هذا إشارة إلى أن ما بين اللوحتين أو الدفتين هو كله لتحقيق كلمة التوحيد: "لا إله إلا الله" وعلى ذلك آيات التنزيل الأخريات في سورة الذاريات {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] .

قال المفسرون "إلا ليوحدون"

طور بواسطة نورين ميديا © 2015