إن وجود ملتقى لفقهاء يمثلون العالم الإسلامي تمثيلًا دقيقًا على مستوى أكاديمي هو مطلب ملح في المجال العلمي، والفكري، والتوحيد السياسي الرشيد، فلا يخفى أن من مصادر الاجتهاد الفقهي (الإجماع) وهو اتفاق المجتهدين المسلمين في القضايا التي لم ينص على حكمها صراحة في القرآن والسنة، فيعمد كل فقيه لتلمس حكمها من منازع استدلالية شتى، فإذا التقت الآراء الفقهية رغم اختلاف مساراتها على حكم متوافق حظي حينئذ بالحجية وقطع الخلاف، ولم توجد طريقة لإحياء هذا المنهج الذي اختفى منذ عصور طويلة إلا عند قيام هذا المجمع من خلال أعضائه الذين يعتبر كل عضو منهم مستقطبًا للفكر المختار لفقهاء الدولة التي يمثلها، مضافًا إلى أعضاء الدول، أعضاء مختارون لتفوقهم البارز، وأعضاء يمثلون المؤسسات المشابهة.
ولا يخفى ما تعرض له الفقه الإسلامي (الذي هو نسع الفكر الموحد والثقافة العامة لهذه الأمة) من ركود أو توقف عن المواكبة العصرية بفعل المؤثرات العامة المعروفة التي سبقت عصر النهضة، بحيث أصبح من العسير كمال الاستفادة من معطياته السابقة ومواصلة إمداده بما جدت الحاجة إليه إلا إذا توفرت له سبل العناية المركزة لإعادة حيويته الكامنة في مناهجه وتراثه، وهو ما تجلى في أهداف المجمع، وظهر في الوسائل العديدة التي باشر بها لتحقيقها - رغم حداثة العهد - وذلك من خلال دورته السنوية، وندواته المتخصصة، ولجانه، ومشاريعه العلمية، ومشاركته الرقابية والموجهة لأي نشاط جماعي يتصل بالفقه والفكر الإسلامي؛ ليضع موضع التنفيذ هدفه الأساسي المتمثل في شد المسلمين لعقيدتهم وتحقيق وحدة الأمة الإسلامية نظريا وعمليا عن طريق السلوك الإنساني ذاتيا وجماعيا ودوليا، وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية بحيث أصبح المجمع رمزا للوحدة الفكرية والتشريعية وتآزر الجهود بين فقهاء الدول الإسلامية كلها لإيجاد الحلول للمشكلات المعاصرة، والسعي لاستكمال مقومات عزة الأمة الإسلامية وقوتها في شتى المجالات.