المبحث الحادي عشر
حكم أخذ الطبيب أجرة على قطع
عضو صحيح من أعضاء الإنسان
لا تدعو الحاجة إلى قطعه
حكم أخذ الطبيب أجرة على قطع
عضو صحيح من أعضاء الإنسان
لا تدعو الحاجة إلى قطعه
لقد تناول الفقه الإسلامي بدقة بيان الحكم إذا استؤجر الطبيب على قطع عضو صحيح من أعضاء الإنسان دون حاجة إلى قطعه، أو دون ضرر من بقائه على صاحبه، ونعرض فيما يلي آراء الفقهاء في هذا الموطن ثم نتبعها بالمقارنة والترجيح:
أولاً: النصوص الفقهية:
(1) الحنفية: جاء في رد المحتار جـ5 ص 76:
(تفسخ الإجارة بعقد لزوم ضرر لم يستحق بالعقد، إن بقي العقد، كما في سكون ضرس استؤجر لقلعه ... ) ثم علق ابن عابدين على: (بعذر) بقوله: (فلا تفسخ الإجارة بدون العذر) وعلى قوله: (كما في سكون ضرس..) التقييد بسكون الضرس ... يفهم منه أنه بدونه لا يكون له الفسخ، قال الحموي: وفي المبسوط إذا استأجره ليقطع يده للأكلة ... ثم بدا له في ذلك كان عذراً؛ إذ في إبقاء العقد إتلاف شيء من بدنه أو ماله، وهذا صريح في أنه لو لم يسكن الوجع يكون له الفسخ اهـ. أقول: وفي جامع الفصولين: كل فعل هو سبب نقص المال أو تلفه فهو عذر لفسخه، كما لو استأجره ليخيط له ثوبه، أو ليقصر، أو ليقطع، أو يبني بناء، ثم ندم، له فسخه اهـ.
(زاد في غاية البيان عن الكرخي: أو ليفصد، أو ليحجم، أو يقلع ضرساً له، ثم يبدو ألا يفعل فله في ذلك كله الفسخ؛ لأن فيه استهلاك مال، أو غرماً، أو ضرراً اهـ.) .
ويتضح من هذا أن الإجارة تفسخ إذا سكن ألم الضرس، لزوال سبب قلعه، فإذا لم يكن هناك ألم إطلاقاً فلا يصح قلعه، بل إن المؤجر له أن يفسخ عقد الإجارة ولو لم يسكن الألم؛ لأن في بقاء العقد إتلاف شيء من بدنه أو ماله، وإتلاف شيء من بدنه أو ماله لا يجوز) .
(ب) المالكية: جاء في حاشية الدسوقي جـ5 ص 30:
(وفسخت الإجارة على سن لقلع فسكنت، أي فسكن ألمها قبل القلع، ووافقه الآخر على ذلك، وإلا لم يصدق إلا لقرينة، وفائدة عدم التصديق لزوم الأجرة، لا أنه يجبر على القلع، وما ذكرناه من عدم تصديق ربها إذا نازعه الحجام، وقال له: إنه سكن ألمها، هو قول ابن عرفة، واستظهر بعض المشايخ عج خلاف ما قاله ابن عرفة فقال: إنه يصدق في سكون الألم إلا لقرينة تدل على كذبه، لأنه أمر لا يعرف إلا منه..) .
ويتضح من كلام المالكية أن الإجارة تفسخ إذا سكن الألم الذي من أجله اتفق مع الطبيب على قطع العضو موضع الألم، فإذا لم يكن هناك ألم أو مرض يوجب قطعه فلا تصح الإجارة، وهذا ما صرح به الشافعية فيما يلي: