إذا عرفنا الفرق بين هذين الحقين فإننا نتساءل:
هل جسم الإنسان وحياته هي حق من حقوق الله تعالى؟ أو هي حق من حقوق العبد؟ فإذا حددنا من أي نوع هي، ثبت لنا خصائص هذا الحق وما تميز به عن غيره.
للإجابة على ذلك نقول:
إن حياة الإنسان وجسمه، وكافة ما يتصل بهذا الجهاز الآدمي هي حق من حقوق الله تعالى، وليست حقاً من حقوق العبد، فليس للإنسان أن يتنازل عن حياته، أو عن جزء من أجزائه، وليس له أن يتصرف فيه بأي تصرف ناقل للملكية، ومعاوضة أو تبرعاً ... والدليل على ذلك ما يأتي:
أولاً: سبق أن بينا أن المالك لكل ما في الكون ـ ومنه الإنسان ـ هو الله تعالى، فليس للإنسان ولاية على هذا الجسم إلا في حدود ما رسمه الشرع وما أباحه وأجازه له، أو عليه ...
ثانياً: أن هذا الإنسان قد أوجب الله تعالى حفظ حياته، وحفظ كل جزء من أجزائه، وقرر عقوبة رادعة لكل من اعتدى على هذا الجسم كلا أو بعضاً، كما سبق بيانه.
ثالثاً: أن الشرع الحكيم قد أوجب عقوبة رادعة لكل من يعتدي على نفسه ـ كلا أو بعضاً ـ كما سبق بيانه.
رابعاً: أن الشرع الحكيم قد أوجب على كل من عطل جزءاً من جسمه عن العمل ولو في وقت محدود ـ وهو العقل ـ عقوبة، فشارب الخمر معاقب بعقوبة (حد شارب الخمر) .
خامساً: أن إرادة الإنسان ليس لها عمل في إضاعة الحياة أو تعطيل جزء من أجزاء النفس البشرية، أياً كان هذا الجزء.