المبحث العاشر

حكم تبرع الإنسان بجزء من أجزائه لمنفعة شخص آخر

حكم تبرع الإنسان بجزء من أجزائه لمنفعة شخص آخر

بينا آنفاً حرمة بيع إنسان لعضو من أعضائه لينتفع به شخص آخر، ونوضح هنا رأي الفقه الإسلامي في حكم التبرع بأي عضو من أعضائه، على النحو التالي:

بينا فيما سبق أن قواعد الفقه الإسلامي تقرر ما يلي:

القاعدة الأولى: (ما جاز بيعه جازت هبته، وما لا فلا) (?) .

وأصل هذه القاعدة واضح أن البيع هو مبادلة مال بمال، وأن الذي يجوز بيعه هو ما يدخل تحت ملك الإنسان، أي ما يكون مملوكاً له، وما يكون مالا، أي ما يدخل تحت سلطته.

والإنسان ليس مالاً وليس مملوكاً للإنسان، بل لله تعالى، فليس لأحد سواه حق التصرف فيه ببيع أو غيره.

والهبة: تمليك مال بلا عوض، فمحل الهبة هو المال، ومالك هذا المال كما يملك بيعه، يملك هبته.

فإذا لم يكن الشيء مالاً فلا يجري عليه بيع ولا هبة ولا غيرهما من التصرفات الناقلة للملكية..

القاعدة الثانية: (من لا يملك التصرف لا يملك الإذن فيه) (?) .

وهذا واضح لأن فاقد الشيء لا يعطيه، ومن ليست له ولاية على الشيء لا يملك التصرف فيه، وإذا لم يملك التصرف فيه فكذلك لا يملك الإذن لغيره في التصرف فيه، فالعدم لا ينتج إلا العدم، وانعدام الأصل يترتب عليه انعدام فروعه ومنتجاته وما يترتب عليه ...

فالإنسان لا يملك التصرف في الإنسان ـ لا نفسه، ولا غيره ـ وإذا لم يملك ذلك لا يملك أن يأذن لغيره في اقتطاع جزء منه لا على سبيل الهبة، ولا على سبيل البيع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015