المقارنة والترجيح:

المقارنة: اختلف الفقهاء في حكم بيع لبن الآدمية الحرة إذا حلب إلى رأيين:

الرأي الأول: يرى الحنفية والمالكية (?) وبعض الشافعية، وبعض الحنابلة، والزيدية أنه لا يجوز بيعه، وقد استندوا في ذلك إلى الأدلة التالية:

1- أن الآدمي مكرم شرعاً (?) لا مبتذل، فلا يجوز أن يكون شيء من أجزائه مهاناً مبتذلاً ـ وبيعه، أو بيع جزء من أجزائه إهانة وابتذال له ـ وهذا لا يجوز شرعاً ـ أو نقول: هو جزء من الآدمي مكرم مصون عن الابتذال بالبيع.

2- أن الرسول صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عنه في الصحيحين: ((لعن الواصلة والمستوصلة)) والواصلة هي التي تصل الشعر بشعر النساء، والمستوصلة المعمول بإذنها ورضاها.

وهذا اللعن إنما كان بسبب الانتفاع بما لا يحل الانتفاع به شرعاً، ألا ترى أنه رخص في اتخاذ القراميل، وهي ما يتخذ من الوبر ليزيد في قرون النساء للتكثير، فظهر أن اللعن ليس للتكثير مع عدم الكثرة، وإلا لمنع القراميل، ولا شك أن الزينة حلال، قال الله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} [الأعراف: 32 ـ ولولا لزوم الإهانة بالاستعمال لحل وصلها بشعور النساء أيضاً.

3- أن جواز البيع يتبع المالية ـ أي أن يكون الشيء مالا ـ ولا مالية للإنسان الحر.

4- أنه مائع خارج من آدمية، فلم يجز بيعه كالعرق.

5- أنه جزء حيوان منفصل عنه في حياته، فيحرم أكله، فيمتنع بيعه.

- وفي هذا الاستدلال إشارة إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم فيما روي عنه قوله: ((ما أبين من الحي فهو ميت)) و ((ما قطع من حي فهو ميتة)) رواه الحاكم وصححه على شرط الشيخين، وإذا كان ميتاً فإنه لا يجوز بيعه ولا الانتفاع به ـ على الوجه والرأي الذي يجري على الميتة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015