والزيدية: ينصون على أنه (لا يجوز مطلقاً بيع الحر (ولو شعراً بعد انفصاله) باع نفسه أو باع غيره، فيؤدب العالم ـ بنظر الحاكم ـ لحريته، من البائع أو المشتري، أو هما جميعاً، إذا علما. والبيع باطل ولو جهلا، والثمن كالغصب لا في جميع وجوهه إلا في أربعة (?) سواء كان المشتري عالماً أو جاهلاً له (قرز) .
ويرد القابض للثمن ما قبضه إلى المشتري إن كان الثمن باقياً بعينه، كبيراً كان القابض أو صغيراً، إلا الصبي إذا باع نفسه، أو باع حراً غيره ثم قبض الثمن وأتلفه فلا يرد ما قد أتلف ... ) (?) .
والإمامية: ينصون على أنه: (لو باع ما لا يملكه مالك كالحر وفضلات الإنسان ... لم ينعقد) .
ومن هذا تبين لنا أن الفقهاء قد اتفقوا على أن الحر لا يباع ولا يشترى، وإذا لم يصح هذا التصرف فيه مع أنه بمقابل، وهو الثمن، فمن باب أولى لا يصح هبته أو التبرع به؛ لأن الشرع الحكيم أبطل التصرف فيه بمقابل فمن باب أولى يبطله إذا لم يكن هناك مقابل، ولأن المشرع الحكيم لم يجعله ملكاً لأحد سواه، فلا يحق لأي كائن أن يتصرف فيه؛ لأن التصرف ـ معاوضة أو تبرعاً ـ إنما يكون فيما يملكه الإنسان، والإنسان غير مملوك للإنسان وإنما هو مملوك لخالقه وموجده جل شأنه.
ويجب أن ننوه هنا إلى أن (الرقيق) وقد انتهى أمره بعد أن اتفقت الدول والمجتمعات الإنسانية إلى منع الرق بجميع أنواعه، وهو ما يهدف إليه المشرع الحكيم، وما يشير إليه في حكم كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، أن انتهاء الرق في هذا العصر لا يثير أي تساؤل بشأن الأحكام التي كانت تطبق عليه وقت وجوده.. وحتى في أثناء وجوده لا سلطان لأحد على جسمه وأجزاء جسمه إلا بحق. قال صلى الله عليه وسلم: ((من قتل عبده قتلناه، ومن جدع عبده جدعناه)) رواه أحمد. وفي رواية أبي داود والنسائي بزيادة: ((ومن خصى عبده خصيناه)) .
فأهلية الرقيق موجودة، وعصمة دمه قائمة، وصيانة أعضائه مقررة، وإنما الرق أثر على أهليته للتملك، وعلى جعله سلعة يباع ويشترى ـ كلا أو جزءاً ـ قائماً لا مقطعاً ...
والآن ـ والحمد لله ـ قد تحقق هدف الشرع، وهو منع الرق بكل أنواعه من جميع العالم.. ومن ثم لا يثور أي تساؤل بشأنه في موضعنا هذا، ولا يصح أن يجعل ركيزة لشيء في موضوع بحثنا هذا (?) .