المبحث السابع:
حكم بيع الآدمي في الفقه الإسلامي
حكم بيع الآدمي في الفقه الإسلامي
لقد تناول الفقه الإسلامي بيان حكم التصرف في الإنسان، أو التصرف في جزء من أجزائه، سواء أكان الجزء متجدداً، أم غير متجدد.
ونعرض فيما يلي حكم كل حالة من هذه الحالات الثلاث من مباحث متتالية:
الأول: حكم بيع الآدمي.
نعرض فيما يلي جانباً من الكتاب الكريم والسنة النبوية المطهرة، ثم نتبعها بآراء الفقهاء في هذا الحكم.
أولاً: الكتاب الكريم:
قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} (?) .
لقد تناول المفسرون تفسير هذا التكريم قائلين: إن الله تعالى قد كرمهم بالنطق والتمييز، وباعتدال القامة وامتدادها، وبحسن الصورة، وبتسليطهم على سائر الخلق وتسخير سائر الخلق لهم، وبالكلام والخط وبالعقل الذي هو عمدة التكليف، وبه يعرف الله ويفهم كلامه، ويوصل إلى نعيمه وتصديق رسله ... وبتخصيصهم بما خصهم به من المطاعم والمشارب والملابس، وهذا لا يتسع فيه حيوان اتساع بني آدم؛ لأنهم يكسبون المال خاصة دون الحيوان، ويلبسون الثياب، ويأكلون المركبات من الأطعمة، وغاية كل حيوان يأكل لحما نيئاً أو طعاماً غير مركب.
ثم قال جل شأنه: {وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} قال المفسرون: فضلناهم على البهائم والدواب، والوحوش والطير بالغلبة والاستيلاء، والثواب والجزاء، والحفظ والتمييز، وإصابة الفراسة.
فالإنسان مكرم لكل ذلك؛ لأنه متحمل الأمانة، وخليفة الله في أرضه، والمطالب بالتعمير والإصلاح، والتطور والتقدم في ظل شرع الله تعالى.
ومن أجل ذلك سخر الله جل شأنه له سائر الخلق في السماء وفي الأرض، وجعله مسلطاً على غيره من المخلوقات، ينتفع بها ويحيا عليها ...
وميزه عنها بأنه جعل له حق تملكها والانتفاع بها، وجعلها موضع ملكه ومنتفعاً بها ... ، والملك قدرة والانتفاع حق، جعلهما في يده فأصبح مالكاً منتفعاً، وأصبح غيره مملوكاً منتفعاً به، ومن هنا لم يخضع الإنسان شرعاً لما يخضع له الحيوان من جواز بيعه والتصرف فيه؛ لأن فعل ذلك في الإنسان إذلال، وقلب للحقيقة الشرعية والحكمة الإلهية التي حبته بكل هذه الصفات.